الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعرف على شمائل النبي صلى الله عليه وسلم ومكارم أخلاقه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو أن يتّسع صدركم الكريم لرسالتي هذه، فإنني أكتبها بقلب صادق باحث عن الفهم والتوجيه، راجية من الله تعالى أن أجد عندكم ما يعينني على الاقتداء بنبينا الكريم ﷺ في حياتي اليومية.

أنا فتاة في مطلع العشرينات، وأواجه صعوبة في ثلاثة أمور:
• لا أعرف كيف أرسم حدودي مع الآخرين دون أن أبدو قاسية.
• ولا كيف أكتسب محبة الناس وأكوِّن علاقات صادقة.
• ولا كيف أواجه من يكرهني دون أن أفقد كرامتي، أو أقابل الإساءة بالإساءة.

أتساءل كثيرًا:
• كيف كان النبي ﷺ ينجح في التعامل مع الناس على اختلاف طبائعهم؟
• كيف تَعامل ﷺ مع مشاعر الإهانة؟ وكيف ضبط نفسه عند الاستفزاز؟
• كيف فرّق ﷺ بين من يُرجى صلاحه ومن لا يُرجى؟
• كيف تعامل ﷺ مع من أصرّ على إيذائه حتى النهاية؟ هل واجههم؟ أم تجاهلهم؟ وكيف حمى نفسه؟
• كيف كان يتعامل مع أصحابه؟ وكيف كسب محبتهم؟
• وكيف رسم حدوده معهم بلطف، حين حاول بعضهم تجاوز تلك الحدود؟ وكيف وازن بين الرحمة والحزم؟

كذلك، كثيرًا ما أفكر في ثِقَل المهمة التي حملها، فقد كان ﷺ إنسانًا يعيش حياة عادية، ثم في لحظة أصبح مسؤولًا عن هداية البشرية وقيادة الأمة... فكيف تحمّل هذا العبء الجليل؟ وكيف لم ينهَر أو يتراجع؟

أدرك أن هذه الأسئلة كثيرة، وقد تحتاج وقتًا طويلًا للبحث والتأمل، لكن إن كان لديكم ما يُعينني على فهم هذه الجوانب من سيرته الشريفة، سواء من خلال كتاب نافع، أو سلسلة صوتية أو مرئية، أو دروس تربوية تتناول هذه المعاني بشكل مباشر، فإني أرجو منكم أن تدلّوني عليها، أو حتى أن تذكروا لي اسم عالم أو أستاذ يشرح هذه الجوانب بأسلوب واضح وقريب من النفس.

سأكون ممتنة جدًّا لأي توجيه أو نصيحة تقدّمونها، وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

جزاكم الله خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

أولًا، نهنئكِ بفضل الله تعالى عليكِ، إذ حبّب إليكِ الاقتداء بالرسول ﷺ، والاعتناء بمعرفة سنته وهديه، لمتابعته عليه، فهذه الرغبة في حدِّ ذاتها فضل عظيم تفضّل الله تعالى بها عليك، فاشكري هذه النعمة، وحاولي أن تستغليها، واعملي على استثمارها، وبادري إلى اغتنامها بما استطعتِ، فإن الرسول ﷺ هو القدوة الكاملة.

وقد أثنى الله تعالى عليه في أخلاقه حين قال سبحانه وتعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وجعله أسوة وقدوة لكل من كان يرجو لقاء ربه، ويرجو الفوز في اليوم الآخر، فقال: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}

والأمر كما تفضلتِ -أيتها العزيزة- أن الكلام عن أخلاق الرسول ﷺ كلام طويل، ويحتاج إلى مؤلفات وكتب، والكتب التي تتحدث عن هذا الموضوع كثيرة.

ننصحك بقراءة كتب الشمائل، أي أوصاف النبي ﷺ، وهي الكتب التي جمع فيها علماء الحديث أوصاف النبي ﷺ وما اشتملت عليه من عظيم الأخلاق، فقد ألفها علماء الحديث وجمعوا فيها الأحاديث التي تتكلم عن الرسول ﷺ، كما أن كتب السنة -مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم والسنن الأربع- فيها أيضًا أبواب تتحدث عن النبي ﷺ.

فينبغي للإنسان أن يقرأ كتب الحديث، وما فيها من أحاديث كثيرة في وصف أخلاق رسول الله ﷺ، وكيفية تعامله وهديه.

ومن الكتب النافعة التي تفيد وتنفع في معرفة هدي النبي ﷺ: كتاب "زاد المعاد في هدي خير العباد"، للإمام ابن القيم رحمه الله، فهو كتاب جامع لهدي النبي ﷺ في شؤونه المختلفة.

والكتب التي تعتني بالكلام عن الأخلاق وتهذيب النفس، وهي كثيرة، وممَّا كُتب بأسلوب معاصر لمحتوى الكتب المتقدمة، كتاب: "المستخلص في تزكية الأنفس" للشيخ سعيد حوَّى، وهو كتاب جيد، يعتني فيه ببيان الأسباب والطرق المؤدية إلى تهذيب النفس، وتزكيتها، وتطهيرها من الأخلاق الرذيلة، وتحليتها بالأخلاق الجميلة.

وهناك مواد كثيرة مكتوبة على شبكة الإنترنت، ومنها ما هو منشور على موقعنا (إسلام ويب)، والعديد من المواقع المأمونة، التي تجدين فيها مقالات جميلة عن أخلاق الرسول ﷺ وحلقات ربما، أو سلسلة مقالات، وهناك مواد صوتية أو مسموعة كثيرة.

كما ننصحك بالاستماع إلى سلسلة "أخلاق الرسول ﷺ"، وهي دروس صوتية مسجلة للشيخ سعيد الكملي، وهي نافعة جدًا، والمواد المسجلة في هذا المعنى كثيرة جدًّا، فببحثك في شبكة الإنترنت ستجدين أن هذا المحتوى قد خُدم خدمة كبيرة، فحاولي أن تأخذي منه بقدر ما يُسعفك وقتُك ونشاطك.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً