الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خرجت مع شاب وتابت ولكنها تخاف من التشهير بصورتها الموجودة عنده

السؤال

سأختصر الوقت وأذكر قصتي، وأتمنى أن ترشدوني إلى الطريق الصحيح.

تعرفت على شاب، وكانت البداية بالماسنجر، ومع مرور الأيام والتحدث طويلاً اكتشفت أنه من نفس المدينة التي أسكن فيها، ومرت الأيام، وكان يأتي لي عند باب المدرسة، وأخرج معه، ونذهب إلى حديقةٍ بعيدة عن المدينة، ويقوم بعمل بعض الحركات البعيدة عن خلق الحياء، لكن ربي ستر، واكتشفت أنه كان يريد أن يرميني على عامل حديقتهم، والذي كان من الجنسية البنغالية، لكن ربي ستر علي، فله الحمد والمنة.

هو الآن يحاول أن يتصل علي، ويقول لي اشتقت لك يا حبي، لكن رغم ذلك أنا لم أرد عليه؛ لأنني أعرف أنه مخادع وكذاب، ومتجرد من خلق الحياء، لكن خوفي هو أن يقوم بفضحي أو شيء من ذلك؛ لأني أعطيت له صورة لي، وبعد ذلك طلبت منه أن يقوم بحذفها، وأن يقسم بالله أنه حذفها، وقد أقسم بالله أنها حذفها، لكن رغم ذلك لم أصدقه!

أتمنى أن ترشدوني إلى الطريق الصحيح، فأنا تبت لوجه الله وقررت أن لا أخرج معه، وماذا أفعل لكي أترك القلق الذي ينتابني بسببه؟ علماً بأن أهلي ليس لهم دراية بذلك.

أرشدوني فالقلق يفزعني! وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحباً بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، نحن أولاً نهنئك على التوبة، فإن الله عز وجل إذا أراد بالعبد خيراً وفقه للتوبة، كما نهنئك ثانياً على ستر الله سبحانه وتعالى عليك وتوبته عليك قبل أن يحصل ما لا ينفع مع الندم، فأحسني توبتك مع الله، وأكثري من استغفاره، واشكريه سبحانه وتعالى على فضله عليك بأن ستر عليك ولم يفضحك، فهذا فضل عظيم من الله سبحانه، فقد أمهلك سبحانه وتعالى حتى وصلت إلى التوبة، فكل هذا إحسان منه سبحانه وتعالى ورحمة ينبغي أن تقابلي ذلك كله بالتوبة الصادقة، والإكثار من التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، والأخذ بأسباب محبته جل جلاله.

ونبشرك ثانياً أيتها الكريمة بأن من ستر عليك وحفظك وحماك إنما هو الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يحب لك الستر، ولن يقدر لك إلا الخير، فكوني على ثقة أنك في حماية الله (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق:2-3] فاثبتي أنت على هذا الطريق الذي أنت فيه من التعفف، وخذي من الماضي عبرة وعظة لتعرفي أن الله عز وجل لا يحرم شيئاً إلا لما فيه من المضرة والفساد، وأنه لم يحرم على المرأة التحدث إلى الرجال الأجانب بأحاديث الخنوع واللين، ولم يحرم إقامة علاقة الحب بين الرجال والنساء في غير الزوجية، ولم يحرم نظر الرجل إلى المرأة أو خلوة الرجل بالمرأة أو نحو ذلك من المحرمات إلا لما يعلمه سبحانه وتعالى من الشر العظيم الذي يترتب على تجاوز هذه المحرمات.

فخذي من الماضي عظة وعبرة، واثبتي على ما أنت فيه من التوبة، واستري على نفسك، ولا تحدثي بهذا أحداً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من أتى شيئاً من الذنوب بأن يستتر بستر الله تعالى، ولا يخيفك هذا الخبيث إذا حاول استفزازك أو نحو ذلك، فلا تخدعي لهذه الاستفزازات، واعلمي أنك لا تزالين في ستر من الله عز وجل.

ويمكنك إذا رأيت أنه يحاول أن يستفزك أو نحو ذلك أن تصارحي والدتك بما جرى إذا رأيت أن المصارحة لن تأت بالمضرة عليك ولن تكبر المشكلة عليك، ونحن على ثقة بأن والدتك تتفهم الموقف جيداً، فبإمكانك أن تخبريها لتوصل الرسالة هي إلى والدك بطريقتها، وبإمكانك أن تتحدثي مع أمك بأن هذا الشخص حاول إغواءك ولكنك امتنعت بعد ذلك ورجعت، وأنك تطلبين من أمك أن تستر عليك الآن، وأنه لم يحدث شيء، ونحو ذلك من المصارحة مع الوالدة، وهي بدورها يمكن أن توصل هذه الرسالة إلى الأب ليوقف هذا الشاب عند حدوده أو إخوانك إذا كان لديك إخوان كبار من غير الأب إذا كان يخشى في إخبار الأب مفسدة، وهذا كله على فرض أن الأمر وصل إلى هذا الحد، وأما مجرد أن لديه صورة منك أو نحو ذلك، فيمكنك الاعتذار، فإن الاعتذار منك أمر هين، وبإمكانك بأن تقولي بأنه توصل إليها ربما عن طريق بعض الزميلات أو نحو ذلك من الأساليب والكذب وإن كان محرماً، لكنه إذا تعين وسيلة لدفع مكروه عن الإنسان بغير حق فإنه يجوز له أن يفعله في مثل هذه الحالة.

فإذا اضطررت أن تقولي مثل هذا الكلام لتستري على نفسك وتدفعي عن نفسك المكروه فإنه لا حرج عليك أن تفعلي ذلك، لكن نحن نؤكد أنك لا تزالين في عافية وستر من الله تعالى، فاقطعي الاتصال بهذا الشاب تماماً، ولا تعيريه اهتماماً، ولا تفزعي ولا تقلقي مما قد يفعله، وهو أيضاً يشعر بالخوف والقلق فيما لو ظهر بأنه اعتدى عليك أو نحو ذلك، وهو أيضاً يخاف أن يناله المكروه والسوء من محارمك، فلا تخافي ولا تقلقي.

نسأل الله تعالى أن يحميك بحمايته، وأن يزيدك هدى وإصلاحاً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً