الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الخجل الزائد؟

السؤال

عمري 19 سنة، لدي مشكلة وهي الخجل الزائد عن حده الطبيعي، فمثلا لو اتصلت بصديقتي وردت علي أمها أخجل فأتكلم وأنا مغمضة العينين، أو أعض على شفتي، ولو كنت عند صديقتي وجاءت أمها أتكلم بصورة عادية جداً، ولكن المشكلة هي في النظر، فعندما أتكلم مع أحد لا أركز نظري عليه وإنما أشتت نظري قليلاً ولا أنظر لعينيه، فما الحل في ذلك ؟ كيف أتخلص من هذا الطبع؟ وكيف أتخلص من الخجل الزائد عن حده؟ وكيف أتخلص من طبعي هذا؟

جاءني خاطب منذ سنة فجلست معه، ولكني كنت خجلة جداً، لم أنظر إليه إلا لثوان وبدون أي تركيز، عرف بنفسه وسألني عن رأيه بما قال، فلم أعرف بماذا أجيب، وسأل عن دراستي وتخصصي، فأجبت، والحقيقة أنه تم الرفض من قبله لأني خجولة جداً وغير اجتماعية.

ساعدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فدائمًا الذين يعانون من الخجل - خاصة من الفتيات - يكون لديهم تقدير ناقص أو منخفض عن ذواتهم، وهذه هي المشكلة الأساسية، فتقدير الذات هو المحور الأساسي والعامل الرئيسي الذي يبني من خلاله الإنسان انطباعه عن نفسه، ومن خلال ذلك تُحدد مشاعره، إما أن تكون سلبية نحو ذاته، أو تكون إيجابية.

إضافة إلى ذلك أن الخجل قد يختلط بالحياء، وكذلك ما نسميه بالخوف والرهاب الاجتماعي، وهذه الثلاثة هي المكونات الرئيسية التي تحجب تفاعل الإنسان اجتماعيًا بصورة فعالة، والحياء أمر مطلوب، وهو شعبة من شعب الإيمان.

الخوف والرهاب الاجتماعي إذا كان بدرجة قليلة وبسيطة أعتقد أنه يُجمّل من شخصية الفتاة، وذلك لأنها سوف تُقدر الضوابط الاجتماعية، لكن إذا كان بدرجة عالية فهذا معيق، وكذلك الخجل أيضًا أعتقد أن الخجل البسيط من جانب الفتاة والممزوج بالرزانة وحسن الأدب هذا أيضًا مطلوب، لكن إذا كان خجلاً معيقًا فهذا لا نحبذه.

أيتها الفاضلة الكريمة: أريد أن أقول لك التالي:

أولاً: أرجو أن تعيدي تقييم ذاتك، وذلك من خلال أن تفكري بأنك لست بأقل من الآخرين، بل على العكس تمامًا ربما تكوني تحملين مزايا وخصائص وسمات أفضل من الكثير من الفتيات، وهذا الخاطب الذي تقدم لك لم يتقدم لك إلا لأنك كنت أهلاً لذلك، لديك ما جعله يتقدم إليك، وهذا يعني أنك إنسان مرغوب فيه، أنك إنسان جيد.، إذن صححي هذه المفاهيم عن نفسك، هذا ضروري جدًّا.

ثانيًا: تطوير المهارات الاجتماعية خاصة مهارة التواصل مهم، وهذا ليس بالأمر الصعب، ولكنه يتطلب التدريب المتواصل والقناعة بأنه أمر ضروري، أريدك أن تطبقي ما يعرف بالتعرض في الخيال، أي التعرض للموقف الاجتماعي في الخيال، هذه التمارين تمارين بسيطة، ولو ساعدتك أخصائية نفسية في تطبيقها سوف يكون أمرًا جيدًا وأكثر فعالية، أما إذا كان ذلك ليس من الممكن فأقول لك: اجلسي على كرسي داخل غرفة هادئة، ثم تأملي أنك في مواجهة عدد كبير من الناس، طلب منك أن تقدمي عرضًا لهم، أو محاضرة في موضوع معين، وهذا بالطبع يتطلب التحضير، يتطلب المواجهة، يتطلب أن تتذكري أنك سوف تكونين محط نظر الناس ومراقبتهم، عيشي هذا الخيال بكل تفاصيله، من البداية إلى النهاية.

خيال آخر: تصوري أنه قد طُلب منك أن تقدمي موضوعاً معيناً للمعلمات في المدرسة، وكنت أنت الطالبة التي رُشحت لهذه المهمة، ويجب أن تقومي بذلك.

خيال آخر: هو أنكم قد قمتم بتكوين جمعية طلابية وقد أوكلت إليك رئاسة هذه الجمعية، أو السكرتارية التنفيذية أو مقررة لهذه الجمعية، وهذا يلقي عليك الكثير من الواجبات التي تتطلب المواجهة.

إذن نوعية هذه الخيالات تؤدي إلى تعرض مفيد جدًّا لكنها تتطلب الجدية، الاقتناع بفعاليتها، التركيز ومواصلتها.

التطبيقات في الحقيقة مهمة، وأعني بالتطبيقات في الحقيقة أي المواجهة في الحقيقة، تعلمي أن تنظري إلى الناس في وجوههم، وابدئي بأقرب الناس إليك من محارمك، هذا لا بأس فيه، ودائمًا حاولي أن تأخذي نفسًا قصيرًا بسيطًا دون أن يلاحظ ذلك أحد، حين تبدئي في مقابلة الناس قولي (بسم الله الرحمن الرحيم، رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري) وابدئي بالسلام، هذا ممتاز جدًّا وفعال جدًّا.

هذه هي التمرينات المطلوبة، وهنالك تمارين أخرى كثيرة جدًّا كلها - إن شاء الله - مفيدة.

هنالك أدوية تساعد في تخفيف مثل هذا العرض، من أهمها عقار يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) ويعرف علميًا باسم (باروكستين) يمكنك أن تتناوليه بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناوليها يوميًا لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميًا لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناوله، وهو دواء ممتاز وفاعل لعلاج الخجل الاجتماعي وغير إدماني وغير تعودي.

بارك الله فيك وجزآك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق مصطفى

    ان ظاهرة الخجل الاجتماعي يمكن ان تكون مرافقه لصاحب هذا المرض حتى وان تقدم بالعمروتكون عندالرجال والنساء بشكل سواء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً