الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تربيت على الأغاني وتركتها وما تزال لها ذكريات، فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم

تربيت على حب الأغاني والرقص منذ الصغر، وكنت أسمعها كثيرا، وأدركت أن هذا لا يرضي الله.

عندما كبرت وأصبحت مسئولاً عن زوجة وأولاد، أصبحت أحاول قراءة القرآن كثيرا أمامهم حتى يتقوى لديهم حب القرآن ويعتادوا عليه، لكني إذا سمعت أغنية مما كنت أسمعه قديما أو رأيت فيلما يذكرني ذلك بالماضي، وكنت وقتها أشعر بسعادةٍ، فلا أتمالك نفسي وأستمر في السماع أو المشاهدة.

هل هناك طريقة لتغيير ما تربيت عليه مع حب الوضع الجديد أيضاً؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يُجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يُبارك فيك وفي ذريتك، يا أرحم الرحمين يا رب العالمين.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنه مما لا شك فيه أن الله قد مَنَّ عليك بنعمٍ عظيمةٍ لا تُعدُّ ولا تُحصى، خاصة أنه قد انتشلك من هذه البيئة التي عشتها، وهذه التصرفات التي ألمَّتْ بك منذ صغرك، وأكرمك الله تبارك وتعالى بأن عوضك خيرًا، وأبدلك خيرًا من ذلك كله بأن حبَّبَ إليك كلامه المُنزَّلُ على نبيه -صلى الله عليه وسلم- وحبب إليك أيضًا كذلك إعانة أولادك على الاستماع إلى القرآن حتى يُجبلوا عليه ويشُبُّوا عليه، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل أيضًا على عظيم فضل الله -تبارك وتعالى- عليك، وإحسان الله تبارك وتعالى إليك، ومحبة الله تبارك وتعالى لك، أن حبب إليك الطاعة وبغَّض إليك المعصية.

أتمنى أن تستمر، وأن تواظب على ما أنت عليه من طاعة، وإكرام أولادك بالإحسان إليهم بمحاولة قراءة القرآن أمامهم، ومحاولة مشاركتهم لك في ذلك، فلا يكفي أن تقرأ أنت القرآن أمامهم، وإنما نتمنى أيضًا أن تقرؤوا جميعًا، ولا مانع من الاستعانة ببعض الإخوة المحفِّظين الثقات الذين يُجيدون تدريس القرآن الكريم، حتى يتمكنوا من مساعدتك في النهوض بأبنائك وتحبيب القرآن إليهم، وإعانتهم على ذلك.

فيما يتعلق بقضية الأغاني والأفلام، فقد ذكرت بأنك تركتها لله تعالى، إلا أنك كلما سمعت أو رأيت شيئًا تتذكر به الماضي الذي كنت تعيشه، وأقول لك: مما لا شك فيه أن هذا الأمر سيستمر بعض الوقت، لأنه ليس من السهل على الإنسان أن يمسح ذاكرته كاملة، وإنما ستبقى هناك في الذاكرة أو في العقل الباطني ذكريات لهذه الأشياء التي مرت بك، خاصة وأنك قد تكون قضيت معها فترة طويلة من الزمن.

أقول لك: إن المسألة مسألة وقت، ولكن اجتهد -بارك الله فيك- وأرِ الله من نفسك خيرًا، فكلما استمعت أو شاهدت شيئًا من ذلك حاول ألا تسترسل معه، وحاول أن تستعين بالله تبارك وتعالى عليه، وحاول أن تلجأ إلى الله تبارك وتعالى أن يعافيك الله عز وجل من ذلك، وأن يصرف الله تبارك وتعالى عنك ذلك، وحاول أن تكون جادًا صادقًا في موقفك، بمعنى أنك عندما تشعر فعلاً بالتأثر والدخول في الجو القديم حاول أن تترك هذا المكان الذي أنت فيه، أو تُغلق مصدر الصوت، وأن تقول: (اللهم يا ربي إني تركت ذلك من أجلك، فأسألك اللهم أن تكفيني بحلالك عن حرامك وأن تغفر ذنوبي، وأن تجعلني من أهل الجنة).

حاول أن تُوظِّف هذه الرغبة الجديدة وهذا الحرص الجديد على ترك المعصية في استجلاب رحمة الله تعالى وفضله.

إذًا المسألة مسألة قرار منك، ومسألة دعاء، وإلحاح على الله، ومسألة موقفٍ أيضًا، فإذا وقفت مرة بعد مرة لله تعالى صدقني سوف تسقط هذه الأمور كلها من نفسك، وستشعر بأنك أصبحت تزهد فيها، بل لعلك لا تستريح لها ببركة الطاعة وببركة الدعاء والإلحاح على الله، خاصة الإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وبكثرة الطاعة، فإن الحسنات يُذهبن السيئات، والحسنة تتبعها الحسنة.

أسأل الله أن يُسددك وأن يثبتك، وأن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين ومن أوليائه المقربين، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً