الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش الماضي مشتت الذهن ولا أنظر إلى الحاضر ولا المستقبل

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 21 عاماً، كنت أعيش سعيدا واجتماعياً مع الكثير من الأصدقاء والأحبة.

علما أني أصلي ولا أضيع الفروض، وأخاف الله رب العالمين، وكنت مبتسماً دائماً.


منذ سنة أعاني من نوبات الابتهاج الشديد بلا مبرر، وأحيانا حزن وألم واكتئاب بلا مبرر أيضاً.

منذ شهر ازداد الحال سوءاً حيث أني لا أعلم من أكون، أحس بأنني غريب عن نفسي، ولا أعلم من هو الشخص الذي بداخلي، غريب بين أقاربي وأهلي، أفكر كثيرا بالهرب والمغادرة، وأحس أني سجين وضعيف لا حول ولا قوة إلا بالله.

لم أعد أستطيع التعامل مع المشكلات التي تحيط بي، وأشعر بأني غير موجود أو أني لا أدرك الوجود، والوقت يمضي من حولي بشكل غريب.

لا أستطيع التعامل مع لحظات الفرح ولحظات الحزن، ولا أتذوق طعماً للعبادة، ولا طعم الفرح أو طعم النجاح!

أشعر أحيانا بأنني فقدت إنسانيتي، وكثيرا ما أرى الناس من حولي على أنهم دمى أو أشباح أو أنهم عبارة عن خيال.

لا أعلم ما السبب؟ فلا أجد بنفسي سبباً يدفعني للحياة، ولا أريد أن أرى أحداً ولا أن أسمع صوت أحد، وأخاف أن أجد نفسي يوماً وحيداً، وأخاف من الوحدة كثيراًـ أنام كثيراً حيث أن الكوابيس والأحلام المزعجة تراودني طيلة نومي، منها القتل والضياع والخوف والغرق ومحاولات القتل تتكرر كثيراً.

أحياناً تشتهي نفسي القتل والذبح وتروق لي الدماء والدمار، ولا أستطيع أن أعبر عن ما بداخلي كما في السابق.

أشعر بالخوف والضباع، وأعيش الماضي ولا أنظر للحاضر أو المستقبل، وأشعر بالشتات والضياع وفقدان الثقة، وأحاول قدر المستطاع أن أبتعد عن الجميع فلا أجد الراحة إلا في ذلك.
كل شيء تغير، فلم أعد أرى الأشياء من حولي كما كانت أو أنها ليست على حقيقتها، والشعور الذي يقودني للجنون هو أني في كثير من الأوقات لا أعلم بماذا أشعر، لا أعلم ما هو شعوري، ولا أدري ماذا أفعل؟! وكأنني عالق في شيء لا أعلم ما هو.

لا أعلم شيئاً، حتى إني لا أستطيع أن أصف ما بداخلي وصفاً دقيقاً، ولم أعد أتعلم أو أعمل أو أبحث عن أي شيء، ولا أريد شيئاً أبداً.

مع أنني في السابق كنت أبحث عن العلم في كل مكان، وأحب العمل، وطاعة الله عز وجل، وبالأخص أبحث عن تطوير ذاتي من خلال قرائة الكتب ومشاهدة البرامج المفيدة، وتعلم القراءة السريعة وأساليب الحفظ والفهم والتذكر، وكنت كثيراً أبحث عن تنمية قدراتي الشخصية من جميع النواحي إن كانت البدنية أو العقلية، وكانت إرادتي قوية.

كنت أحب مساعدة الآخرين كثيراً، وأسعى إلى نصرة أمتي بالعلم والعمل، ثم لا أجد مما كنت عليه شيئاً، ولا أعلم ماذا أريد أو لماذا أرسلت لكم، لا أعلم إن كنت بحاجة إلى مساعدة أحد!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

رسالتك واضحة جدًّا، فعلتك هي هذه التذبذبات المزاجية، شيء من الانشراح وكثير من الانقباض، وأفكار متداخلة؛ سريعة في بعض الأحيان وتُبطئ في بعض الأحيان، محتوياتها طيبة في أحيانٍ، ولكن في أحيانٍ أخرى - كما أوضحت – تكون مُحزنة.

تحدثت أيضًا عن شعورك، والشعور مكون أساسي لمثلث الأفكار والمشاعر والأفعال، وهو الذي يُحدد سلوك الإنسان.

أيها الفاضل الكريم: مما ذكرته في رسالتك هذه أستطيع أن أقول – وأنا على درجة معقولة جدًّا من اليقين – إنك غالبًا تعاني من اضطراب مزاجي، والاضطرابات المزاجية لها عدة تشخيصات، هنالك معايير تشخيصية معينة يعتمد عليها الأطباء في تحديد نوعية الاضطراب المزاجي، وعلى ضوء ذلك تُحدد الخطة العلاجية.

أنت في الغالب لديك درجة بسيطة مما يُعرف بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وغالبًا يكون من النوع المختلط، أي أن الأقطاب ليست واضحة الوضوح الكامل، والذي أؤكده لك أن هذه الحالات تُعالج وتُعالج بصورة فعالة جدًّا.

أريدك أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي، والحمد لله تعالى أنت تعيش بالأردن، والأردن بها أطباء متميزون.

أرجو ألا تُؤخر أبدًا الذهاب إلى الطبيب، وذلك لسبب جوهري وهو: أن التدخل المبكر – وأقصد بذلك التدخل العلاجي – يؤدي إلى نتائج ممتازة جدًّا، تستقر الأمور، يُصبح المزاج – إن شاء الله تعالى – متوازنًا، عجلة الأفكار ترجع لوضعها الطبيعي، وتحسُّ بذاتك كما تريد أن تكون.

بعد أن تذهب إلى الطبيب ويُقرر لك العلاج أرجو أن تكون ملتزمًا جدًّا بالتعليمات العلاجية، هذه أيضًا من الأمور الأساسية التي تُحدد المسار العلاجي للإنسان ومآلات العلاج ونتائجه نجاحًا أو فشلاً.

أنا أؤكد لك أن هذه الحالة إذا عالجتها بالصورة الصحيحة -وحسب ما ذكرتُ لك-؛ سوف تعيش حياةً طيبةً وسعيدة وعادية جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • Abdalsamad jooda

    يَرَاوَدِنَيَ نَفَسِ ُهذَا الُشِْعوَرَ
    نَسِألُ الُلُُه وَيَاكِ الُسِلُامٌُه وَالُصّحُُه وَالُْعافَيَُه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً