الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقنع أختي أو ابنتي بلبس الحجاب؟

السؤال

السلام عليكم.

إذا كان لأحد أخت أو ابنة غير محجبة، وحاول إقناعها كلاميا أن تتحجب، وهي تقول: ليس الوقت مناسبا أن ألبس الحجاب، ما زال مبكرا، فهل يجب إجبارها بالقوة على لبس الحجاب؟ أم ماذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاطف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه، وأما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: شكر الله لك حرصك على أختك، وغيرتك على دينك وعرضك، وهذا يدل على خير أنت فيه نسأل الله أن تكون كذلك وزيادة.

ثانيا: مسألة جبر الفتاة على الحجاب قد يكون مردوده سلبيا، وقد يدفع الفتاة إلى القيام به وهي كارهة فيجرها ذلك إلى أن تفعل في الخفاء ما لا ترضاه ولا تقدر عليه في العلن، كما أن التهاون في أمر حجاب الفتاة لا يجوز ولا يحل شرعا، سيما إذا كان القائم ولي الأمر المباشر للفتاة.

ثالثا: إننا ننصحك ابتداء أن توقظ إيمانها، وأن تقربها من دينها، وأن تعرفها حق ربها عليها، حين تعلم ذلك بأسلوب يراعى فيه البعد عن التهديد والوعيد.

رابعا: للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله قصة في هذا الشأن، حين أراد أن ترتدي ابنته الحجاب، يقول رحمه الله: "تساءلت: كيف أعمل على تعليم بناتي الحجاب؟ أنا لا أريد أن أجبر بنتي عليه إجباراً، فتتخذه وهي كارهة له ضائقة به حتى إذا استطاعت نبذه نبذته، بل أريد أن تتخذه مقتنعة به مطمئنة إليه محبّة له، ففكرت وطلبت العون من الله لمّا جاوزت ابنتي الأولى التاسعة، ومشت في طريق العاشرة أو قبل ذلك بقليل، لقد نسيت الآن، قلت لأمها: اذهبي فاشتري لها خماراً (إيشارب) غاليًا نفيسًا، وكان الخمار العادي يُباع بليرتين اثنتين، وإن ارتفع ثمنه فبثلاث، قالت: إنها صغيرة تسخر منها رفيقاتها إن غطت شعرها ويهزأن منها، قلت: لقد قدّرتُ هذا وفكرت فيه، فاشتري لها أغلى خمار تجدينه في السوق مهما بلغ ثمنه.

فكلّمتني بالهاتف من السوق وقالت: لقد وجدت خماراً نفيسًا جداً من الحرير الخالص ولكن ثمنه أربعون ليرة، وكان هذا المبلغ يعدل يومئذ أكثر من ثلث راتب الشهر كله، فقلت لها: اشتريه، فتعبَت وحاولت أن تثنيني عن شرائه فأصررت، فلمّا جاءت به ولبسَته البنت وذهبَت به إلى المدرسة كان إعجاب التلميذات به أكثر من عجبهن بارتدائه، وجعلن يثنين عليه، وقد حسدها أكثرهن على امتلاكه.

فاقترن اتخاذها الحجاب وهي صغيرة بهذا الإعجاب، وهذا الذي رأته من الرفيقات، وذهب بعضهن في اليوم التالي فاشترين ما يقدرن عليه من أمثاله، وإن لم تشترِ واحدة منهن خماراً في مثل نفاسته وارتفاع سعره.

بدأَت اتخاذ الحجاب فخورة به محبة له، لم تُكره عليه ولم تلبسه جبراً، وإذا كان العامة يقولون: "الشيء الغالي ثمنه فيه" فإن هذا الخمار بقي على بهائه وعلى جِدّته حتى لبسه بعدها بعض أخواتها، وهو لا يزال جديداً، فنشئن جميعًا بحمد الله متمسكات بالحجاب تمسك اقتناع به وحرص عليه.

خامسا: الحكمة والأسلوب الجيد مع الدعاء كفيل إن شاء الله أن يتبدل الحال، وأن ترتديه الفتاة راغبة فيه لا راغبة عنه.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً