الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقبل الله توبتي فأنا أريد السعادة في الحياة؟!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

استشارتي هي ليست لي ولكن لشخص طلب مني أن أرسلها لكم.

أنا إنسانة متزوجة، لدي ولدان، مشكلتي منذ سنتين حينما اكتشفت خيانة زوجي لي، تعقدت ومررت بفترة سيئة، وتركت الصلاة وحتى الصيام، بعد ذلك أردت أن أنتقم منه، فكنت أتحدث دردشات مع شخص من العائلة كان أغلب كلامها خيانة لزوجي، وبعد ذلك عملت في شركة، وأصبح لدي دردشة مع أحد الموظفين في المساء، وأصبح هناك حب وعلاقة نادمة عليها من دردشات وصور، لم تصل علاقتي إلا لهذه الحدود، أصبحت حياتي تعيسة حتى بداية العام.

بدون أسباب قررت قطع كل علاقتي والاهتمام ببيتي وزوجي، الآن تبت، وأصبحت أصلي الفجر في وقتها وكل الصلوات، واقرأ القرآن.

لا أفعل أي شيء محرم، وفي السابق لم يصل شيء إلا الدردشة وبعض الصور، ولا أعرف كيف فعلت ذلك، ولكن أشعر أن الله يعاقبني ولا يقبل توبتي، فهل يقبل الله توبتي؟ فهل يعاقبني الله على ما فعلت في الدنيا؟ وبماذا تنصحونني لأكون إنسانة جيدة بالسعادة في حياتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ رامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:

إن وقوع زوج هذه الأخت بالخيانة لا يعني أنها تترك صلاتها وصيامها، فهذا ليس علاجا للمشكلة، ومهما كان فالحمد لله أن الله قد من عليها وعادت إلى رشدها وصلاتها وصيامها.

عليها أن تتوب توبة نصوحا والتي من شروطها أن تقلع عن الذنب، وأن تندم عل ما فعلت، وأن تعزم على ألا تعود مرة أخرى.

قد يضعف الإنسان فيقع في الذنب سواء كان زوجا أو زوجة فمن طبيعة البشر أنهم يذنبون ولم يعصم الله تعالى إلا أنبياءه ورسله عليهم الصلاة والسلام.

أنصح هذه الأخت أن تجتهد في توثيق صلتها وصلة زوجها بالله تعالى، وتجتهد في تقوية إيمانهما من خلال الإكثار من العمل الصالح، فبالإيمان والعمل الصالح تستجلب الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

قوة الإيمان توجد في النفس حاجزا يمنع الإنسان من الوقوع فيما يغضب الله، ورادعا يخوف الإنسان من سخط الله.

باب التوبة مفتوح للعبد ما لم تبلغ روحه إلى حلقه ففي الحديث: (إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ).
مهما كانت ذنوب العبد فإن تاب توبة نصوحا قبل الله توبته، يقول تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: (يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك به شيئاً لقيتك بقرابها مغفرة).
يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله - عز وجل - يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)).

بالتوبة النصوح والإيمان والعمل الصالح تبدل السيئات حسنات قال تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).

الشعور بأن الله لم يقبل التوبة إنما هو من وساوس الشيطان يريد أن يقنط العبد من رحمة الله، فلا تصغي لمثل هذه الوساوس، فالله تعالى قد وعد بقبول توبة من تاب والله لا يخلف الميعاد.

من تاب توبة نصوحا صار كأنه لم يرتكب ذنبا ففي الحديث: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وعليه فلن يعاقب العبد على ما فعل لا في الدنيا ولا في الآخرة.

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

اقتربي من زوجك وتفقدي حاجته، ولا تجعليه يشعر بالنقص، فإن بعض ضعيفي الإيمان إن فقد شيئا من زوجته ذهب يتسول ذلك الشيء بالحرام.

اجتهدي في إصلاحه واحتسبي الأجر عند الله تعالى، ولا تيأسي من رحمة الله فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يصلح زوجك وأن يلهمه الرشد، وأكثري من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسعادة، وأن يرزقك الاستقامة، وأن يصلح لك زوجك إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً