الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعالج سوء التفاهم والخصام الذي وقع بيني وبين زوجي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تزوجت من شاب مهتم بصلاته لكنه عنيد، ويخاصمني في أبسط الأشياء، حدث بيننا سوء تفاهم، وتجادلنا؛ فذهب إلى أختي يشكوني، والآن يريد إخبار والدي، والسبب أنه طلب مني خدمة في البيت، ولكنه لم يطلبها بأسلوب مهذب، بل رفع صوته وكلمني بأسلوب غير حضاري أمام الضيوف، وشعر الضيوف بالإحراج من طريقته، لأنني غير مقصرة وأقوم بكامل واجباتي، تخاصمنا، وأكمل زوجي ثلاثة أيام ولم يتحدث معي، ماذا أفعل؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مناسك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يهديك ويهدينا جميعًا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يهدي هذا الزوج أيضًا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

نحن نشكر لك أولاً الثناء على الشاب بأنه يهتم بصلاته، وأرجو أن يكون للصلاة أثر عليه، وإذا كانت المرأة قد ابتليت بزوجٍ عنيف، فإنه لا يصلح أن نُقابل عناده بالعناد، وهذا هو الذي يظهر في التعامل بينكما، ولذلك أرجو أن تُدركي أن طاعة الزوج مطلب، وأن طاعة الزوج عبادة لله تعالى في كل ما يطلبه من طاعة الله تبارك وتعالى، أمَّا لو أمر بأمرٍ فيه معصية فلا سمع ولا طاعة.

ونحن نتمنّى طبعًا أن يكون الزوج لطيفًا في طلباته، يُراعي الذوق، ويُراعي اللطف في الكلام، ولكن إذا لم يحدث هذا فليس لك عُذر في الرفض والعناد للزوج، ولا نُؤيد المسارعة إلى إخبار أختك أو المحاولة إلى إخبار والديك، وننصح بأن يكون العلاج للمشكلات بينكما داخل البيت.

وأيضًا نحن نوجّه لك نصيحة، أرجو ألَّا تجعلي زوجك يصل لهذه الدرجة، بأن يُخرج المشاكل خارج البيت ويذهب يشكوك إلى الوالد، أو إلى الأخت، أو إلى غيرهم، لأن هذا ليس في مصلحة الأسرة، وليس في مصلحتك كفتاة، وأنت ولله الحمد تقومي بواجباتك، لكن من المهم أن تقوم المرأة بواجباتها، في وقتها الصحيح، وهي راضية، وهي سعيدة، وإذا أغضبها الزوج فإن عليها أن تهدأ، ثم بعد ذلك تختار الوقت المناسب لتحاوره وتُناقشه بمنتهى الهدوء، كأن تقول: (أنا أحبك، وأنت زوجي، ولكن الكلمة التي حصلت، الموقف الفلاني أثّر عليَّ)، عندها سيعتذر الزوج.

وأرجو أن تعلمي أيضًا أن الرجال دائمًا يعتذرون، لكن اعتذار الرجال مختلف، فأحيانًا يُخاصم الزوجة، ثم إذا خرج يتصل: (هل تريدون شيئًا؟) هذا اعتذار، (هل عندكم شيء للغداء) هذا اعتذار، (ماذا حصل مع فلان؟ هل هو طيب) هذا اعتذار، (الصغير كيف حاله؟) كل هذه عبارة عن اعتذارات من الرجل.

ولذلك أرجو أن تتفهمي طبيعة الرجل، ثم تتفهمي الطبيعة الخاصة لزوجك، فكل رجل عبارة عن نموذج وحده، وكذلك كل امرأة، والتفاهم ينبغي أن يسود داخل البيوت.

وعليه: نحن ننصحك بأن تُبادري إذا حصل الخصام، لأن المرأة العؤود الولود الودود التي يُحبُّها الشرع هي التي إذا غضبتْ من زوجها، أو غضبَ منها زوجها، وضعتْ يدَها في يدِه وقالت له: (لا أذوقُ غمضًا/نومًا حتى ترضى)، ونلاحظ هنا أن الزوج قد يكون هو المُخطئ، لكن من المهم أن تُبادر المرأة، ثم بعد ذلك تعرض ما عندها من ألم، تُذكّرُه بالانكسار الذي حصل لها عندما رفع صوتَه، أو عندما كان الشجار أمام الضيوف، وطبعًا هذا ممَّا ينبغي أن تنتبه له المرأة جدًّا، حتى لا يُقال عنها أو يُنشر عنها السوء وأنها لا تُطيع زوجها، وقبل ذلك ينبغي أن نجعل هدفنا إرضاء الله تبارك وتعالى، والحياة الزوجية تحتاج إلى صبر، كما قال أبو الدرداء لزوجه يوم بنائه بها: (إذا غَضِبْتُ فرضِّني، وإذا غضبتِ رضَّيْتُك، وإلَّا لم نصطحب).

وحبذا لو نجحتِ في أن تجعلي هذا الزوج يتواصل معنا حتى يسمع التوجيهات، ويمكنكم أن تكتبوا استشارة مشتركة تعرضوا ما عندكم، لتأتيكم الإجابة الوافية من الخبراء، التي توجّه كل طرف بما يُرضي الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يُؤلِّف القلوب، وأن يغفر الزلّات والذنوب.

ونذكّر أن ما بينك وبين الزوج أكبر من مثل هذه المواقف، واعلموا أن الحياة الزوجية طاعة لربِّ البريَّة، وأن إساءة الزوج لا تُبيح للزوجة الإساءة، كما أن إساءة الزوجة لا تُبيح للزوج أن يُسيء، وأن خير الأزواج عند الله تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه، وإذا فهمنا أن العلاقة الزوجية طاعة لربِّ البريّة فإنا سنجعل عند ذلك هدفنا إرضاء الله تبارك وتعالى، وعندها سيكون السِّباق فيما يُرضي الله وفيما يُقرِّبُ إلى الله.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً