الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية نصح من يتعاطى الخمر؟

السؤال

السلام عليكم.

أعرف رجلاً يشرب الكحول، وأريده أن يتوقف عن الشرب، ولا أعرف كيف؟ ويقول لي: إنه يشرب لينسى الهموم والمتاعب التي يمر بها، فأرجو أن تخبروني ماذا أفعل؟ لأنني أريد مساعدته، ويهمني كثيراً.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Contesa حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الخمور لا تُذهب الهموم والمتاعب لكنها تجلب الآفات والمصائب، ولا عجب فإنها أم الخبائث، ومن شربها سهل عليه ارتكاب الفظائع، ولذلك حرمتها الشريعة بأشد ألفاظ التحريم وهو لفظ الاجتناب، فنهت عن مجرد الدوران في فلكها، ولعن في الخمر صانعها وحاملها وبائعها وشاربها والمحمولة إليه، بل نهت الشريعة عن بيع العنب لمن يتخذه خمراً، ووجد عمر بن عبد العزيز -رحمة الله عليه- رجلاً صائماً تطوعاً يجلس مع من يشربون، فبدأ به العقوبة، فقيل له: إنه صائم، ولم يكن يشارك في الشرب، فقال: به فابدأوا، فإن الله يقول: (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ)، [النساء:140].

وكم نحن سعداء بالحريصات على الإصلاح والنصح، وهكذا ينبغي أن تكون المسلمة، فإن الدعوة إلى الله هي أعلى مقامات الدين، والنصح واجب على المسلمات والمسلمين، ولست أدري ما هي علاقتك بصاحب المعصية المذكورة، وهل هو من محارمك، وهل تتوقعي قبول نصحك، وما هي ردة الفعل المتوقعة، وهل هناك من هو أقوى منك تأثيراً عليه؟

ولا شك أن الإجابة عن هذه التساؤلات تساعدنا في الوصول إلى الطريقة المثلى في النصح له، وأرجو أن تجتهدي له في الدعاء، فإن الهداية بيد خالق الأرض والسماء، ونتمنى أن تعلمي أن النصح يجتاح إلى اختيار الوقت المناسب والألفاظ المناسبة، ويختلف حسب حال المنصوح، فإن كان أباً أظهرنا له البر والشفقة واللطف، وقدوتنا في ذلك خليل الرحمن الذي ذُكر خبره في القرآن، وكيف أنه كرر لفظة (يا أبت).

وإذا لم يكن من المناسب أن تقومي أنت بالنصح فيمكنك إخبار من عنده قدرة على النصح وقبول عند المنصوح، وإذا كان صاحب المعصية أجنبي عنك -وهو كل من يجوز له الزواج منك- فلا تباشري نصحه، ولكن حرضي من يستطيع فعل ذلك من محارمك أو محارمه من النساء.

ولا يخفى على العقلاء أن الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرمه عليها، ولن تكون الخمر دواء للأمراض أو الهموم؛ بل هي التي تجلب الأسقام والأوهام، وتورث صاحبها خسارة الدنيا والآخرة، كما لا يخفى عليكم أن المؤمن يرضى بقضاء الله وقدره، ويواجه أقدار الله بأقدار الله، ولا يتهرب من مسئولياته أو يهرب من مواجهة الحقيقة، كما أن ضعف الإيمان هو الذي يجعل بعض الناس ألعوبة في تلك الخمور وشبكات المخدرات.

ونسأل الله أن يقدر لذلك العاصي الخير، وأن يكتب له الهداية، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبت أجرك، وشكراً على سؤالك.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً