الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دخول الصغائر والكبائر في حديث: (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم)

السؤال

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده! لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم). فهل المقصود بذلك جميع الذنوب أم صغائر الذنوب فقط؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الله سبحانه ما سمى نفسه غفارا إلا ليغفر لنا، ولا سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ورحمة الله واسعة، وهي قريب من المحسنين، ومن الإحسان والحسنات التوبة الصادقة النصوح، وقد وعد الله من يخلص في توبته ويصدق في أوبته أن يبدل الله سيئاته القديمة بحسنات جديدة.

وهذا الحديث المذكور فيه رد على اليائسين القانطين، وليس فيه ما يشجع العصاة المذنبين، والمؤمن لا ينظر إلى صغر الخطيئة لكنه ينظر إلى عظمة من يعصيه، والذين لا يبالون بالذنب هم أهل النفاق، ولكن المؤمن إذا وقع في خطأ ولو كان يسيراً خُيّل إليه كأن جبلاً سوف يسقط عليه، ونسأل الله أن يرزقنا الإخلاص والصدق في توبتنا واستغفارنا، وفي سائر أحوالنا، وأن يملأ نفوسنا بالخوف منه وتعظيمه.

والإنسان العاقل لا يسوّف في التوبة، ولا يستهين بالذنوب حتى ولو كانت صغيرة؛ لأن الجبال من الحصى؛ ولأن الصغائر من الذنوب يجتمعن على الإنسان حتى يهلكنه، كما أن الإنسان لا يدري متى تأتيه منيته، وقد أحسن من قال:

فكم صحيح مات من غير علةٍ **** وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر

وأرجو أن تعلمي ابنتي الفاضلة أن كبائر الذنوب تحتاج إلى توبة، والكبائر هي كل ما جاء التهديد فيه بالنار أو بالعذاب أو اللعنة من الله ورسوله أو الغضب، أما بالنسبة للصغائر فإنها تكفرها الصلوات، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة، قال تعالى: (( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ))[هود:114].

ولا شك أن كلمة الاستغفار يقصد بها التوبة في بعض الأحيان، وقد يقصد بها طلب جبر النقص في العبادة، والاستغفار يحتاجه المطيع والعاصي؛ ولذلك فنحن نفرغ من الصلاة، ثم نردد أستغفر الله أستغفر الله ...

وقد جاء الحديث على سبيل الإخبار بواقع بني آدم، وأن شأنهم الذنوب بدءا من أبيهم آدم عليه السلام، إلى آخر واحد منهم، وأن هذه طبيعة البشر أن يقعوا في الخطأ، صغيراً كان أم كبيراً، وليس المقصود هو تسويغ الوقوع في المعاصي، فإن هذا غير مراد من الحديث قطعا؛ لأن الله أمر بالطاعة وأحب الطائعين، ونهى عن المعصية، ولكنه دعا العاصين للتوبة من معاصيهم.. وبهذا يعلم بأن جميع الذنوب صغائرها وكبائرها داخلة في هذا المعنى في هذا الحديث..

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بضرورة ترك الذنوب، وقد قيل: ترك الذنوب خير من معالجة التوبة، ونسأل الله أن يتوب علينا وعليكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً