الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية تعامل الدعاة مع أهليهم الفساق

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فأخي يصبر على دعوة النصارى والبوذيين للإسلام، لكنه ضيق الصدر مع إخوانه، وهو سيء الخلق في دعوة المسلمين، والعكس تماماً مع النصارى! فانصحوا الدعاة بحسن الخلق مع أهلهم حتى ولو كانوا فساقاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا نمدح في أخيك حرصه على نشر الإسلام، ونعيب عليه قسوته مع أهله، ونؤكد أن أولى الناس بعطفه ورحمته هم أهل بيته، وخيركم خيركم لأهله، كما أرجو أن تحاولوا الاقتراب منه والتماس الأعذار له وتفادي ما يغضبه.

وأرجو أن تعلموا أن الإنسان الذي يريد لأهله الخير، ويرى فيهم بعض التأخر، قد يظهر عليه شدة الضيق، وليس ذلك دليل على كرههم أو بغضهم، فإن الإنسان لا يرضى لأهله إلا أرفع المنازل، وقد قال الله لنبيه: (( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ))[الكهف:6]، وذلك عندما اشتد عليه رفض أهله لهداية الله، والقرآن يوضح السبيل للدعاة، فقد قال الله تعالى لإمام الدعاة: (( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ))[القصص:56].

كما أرجو أن يعلم الدعاة أن مهمتهم هي البلاغ المبين، والتذكرة للمؤمنين، وأما الهداية فلا يملكها إلا رب العالمين، كما أرجو أن تعلموا أن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وأن الإنسان يصل برفقه وحسن خلقه إلى أفضل النتائج في الدنيا والآخرة.

وقد أسعدتني هذه الاستشارة، وهي نافعة لإخوانك الدعاة، وأرجو أن تحرصوا على معرفة أسباب غلظة هذا الأخ، فإن كان السبب هو عدم استجابتكم لنصائحه، فاعلموا أن الله هو الذي أمركم بما يقوله لكم، واعرفوا له عند ذلك قدره وصدق نواياه، فإنه يخاف عليكم من النار، ومن غضب الجبار، وإن كان غضبه لغير ذلك فتلطفوا به، واعلموا أنه يحتاج لنصحكم وتوجيهكم، فليس أحد أكبر من أن يُنصح.

وهذه وصيتي لكم بتقوى الله، وتذكروا أن دعوة غير المسلمين أمانة في أعناق المسلمين، وأرجو أن لا يمنعكم ما عندكم من التقصير من دعوة الكافرين إلى هذا الدين، ولو بالابتسامة والكتاب والشريط، وكونوا عوناً لأخيكم؛ فإنه يقوم بالواجب نيابة عن الأمة، وإذا توقف هو وأمثاله عن دعوة الكافرين فإننا نأثم جميعاً، واعلموا أن شرف هذه الأمة في الدعوة إلى الله التي هي أرفع مقامات الدين، قال تعالى: (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ))[فصلت:33]، ونسأل الله الهداية للجميع.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً