الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم إذا لم يتصدق من ماله بشيء

السؤال

أنا شخص أعمل ولدي راتب 5200 ر س وعندي ارتباط السيارة 1630 رس، وقسط لشخص 1000 رس ومشاركة في مصروف إخواني 1000 رس مع إخواني البقية، وأعمل بالعاصمة ولدي مصروف السكن والمأكل والسيارة وأسرتي بنفسي مع زوجتي ولا يبقى لدي سوى بعض الريالات أدخرها لوقت الحاجة وهي لا تتعدى 300 رس، وكل شهر تأتي ظروف صعبة علي وبعض الأحيان أتصدق بشئ منها وأكثر الأوقات لا أتصدق وبالكثير والسبب في ذلك أني أخاف أن يحصل أي ظرف طارئ ولا أجد مالا له. فهل أنا مخطئ في ذلك؟ وهل ما أنفقه على أهلي يعتبر صدقة من مالي وتكفي لي عن الناس الآخرين لأنه يبقى القليل من المال و أدخره لي والله إني أعلم أن الله هو الرزاق وهو يتكفل بمن خلق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فشكر الله لك حرصك على الخير ورغبتك فيه، واعلم أنه لا إثم عليك ولا حرج إن لّم تتصدق بشيء من مالك لأن الصدقة مستحبة وليست واجبة، فإن بلغ ما تدخره نصابا وحال عليه الحول الهجري وجبت عليك زكاته.

ولا حرج عليك في ادخار بعض المال لما ينوب من الأحداث فإن النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد المتوكلين كان يدخر لأهله قوت سنة، واعلم أن إنفاقك على نفسك وأهلك واجب عليك، وهو من الصدقات، بل من أنفع الصدقات، وإنفاقك على إخوتك هو من الصدقات العظيمة بل هو صدقة وصلة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى النسائي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا.

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من فضل عنده شيء فأنفقه فهو خير له وأن العبد لا يلام على كفاف، فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى.

قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: ومعناه إن بذلت الفاضل عن حاجتك وحاجة عيالك فهو خير لك لبقاء ثوابه وان أمسكته فهو شر لك، لأنه إن أمسك عن الواجب استحق العقاب عليه وان أمسك عن المندوب فقد نقص ثوابه وفوت مصلحة نفسه في آخرته وهذا كله شر. ومعنى لا تلام على كفاف أن قدر الحاجة لا لوم على صاحبه وهذا اذا لم يتوجه في الكفاف حق شرعي كمن كان له نصاب زكوي ووجبت الزكاة بشروطها وهو محتاج إلى ذلك النصاب لكفافه وجب عليه إخراج الزكاة ويحصل كفايته من جهة مباحة، ومعنى أبدأ بمن تعول أن العيال والقرابة أحق من الأجانب. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني