الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كلام الشاب مع المرأة

السؤال

عندنا عادة، فعندما يمشي أحد ويرى في طريقه غيره سواء كان شابة أو شابا أو عجوزا، فإنه يتوجه إليه بالكلام، فمثلا: يقول: تأتي، ترجع ذهبت، فأحيانا ـ وأنا شاب مسلم ـ ألتقي في طريقي بفتاة وهي التي تتوجه إلي بالكلام وتقول: تأتي، فما حكم توجيه الكلام إلى الفتاة؟ وما حكم الرد إذا وجهت هي إلي الكلام؟ والجواب عادة يتم بالتأكيد: نعم، وهل أردّ أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه لا حرج في الكلام مع الرجل، والعجوز، وكذا الشابة التي يؤمن الافتتان بها، إن كان الكلام معها لحاجة، وقد دلَّ على جواز الكلام مع المرأة عند الحاجة قول الله تعالى: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً {الأحزاب:32}، وفي حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:... لا، والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، غير أنه بايعهن بالكلام، والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا بما أمره الله، يقول لهن إذا أخذ عليهن: قد بايعتكن كلامًا. رواه البخاري ومسلم.

قال ابن حجر: وفي هذا الحديث ـ أي: حديث أم عطية ـ أن كلام الأجنبية مباحٌ سماعه، وأن صوتها ليس بعورة.

وقال النووي: وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة.

وقد استدل الغزالي على ذلك بقوله: فلم تزل النساء في زمن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يكلمن الرجال في السَّلام، والاستفتاء، والسؤال، والمشاورة، وغير ذلك.

وأما إن خشيت الفتنة، فيجب سدها بالبعد عن الكلام مع الأجنبية التي يخشى حصول الافتتان بها، قال الإمام النووي نقلاً عن الإمام أبي سعيد المتولي: وإن كانت أجنبية، فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها لم يسلم الرجل عليها، ولو سلم لم يجز لها رد الجواب، ولم تسلم هي عليه ابتداء، فإن سلمت لم تستحق جوابًا، فإن أجابها، كره له، وإن كانت عجوزًا لا يفتتن بها جاز أن تسلم على الرجل، وعلى الرجل رد السلام عليها، وإذا كانت النساء جمعًا فيسلم عليهن الرجل، أو كان الرجال جمعًا كثيرًا فسلموا على المرأة الواحدة جاز، إذا لم يخف عليه، ولا عليهن، ولا عليها، ولا عليهم فتنة. اهـ.

وقد بوّب الإمام البخاري في صحيحه بقوله: باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال ـ وعلّق عليه الحافظ ابن حجر بقوله: والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة، وقال الحليمي: كان النبي صلى الله عليه وسلم للعصمة مأمونًا من الفتنة، فمن وثق من نفسه بالسلامة، فليسلم، وإلا فالصمت أسلم. اهـ.

وبناء عليه؛ فننصح بعدم التجاوب مع الشواب إن سألن الشاب هل تأتي أو ترجع؛ سدًّا لباب الفتنة، فقد قال العلامة الخادمي ـ رحمه الله ـ في كتابه: بريقة محمودية وهو حنفي: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة.

وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها ـ أي على الشابة ـ لم ترده دفعًا للمفسدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني