السؤال
أنا والحمد لله أخرج زكاة مالي كالتالي: في 1/8 من كل عام ميلادي أخرج 2.5% عن المال الذي حال عليه الحول والذي لم يحل عليه مهما كان المبلغ والسؤال هنا: هل هذا العمل صحيح؟ هذا العام أريد لظروف خاصة أن أخرج الزكاة عن المال الذي حال عليه الحول فقط، هل يجوز هذا أم يجب أن أتابع كما كنت أعمل من قبل؟.سؤال ثاني: أريد أن أغير موعد إخراج الزكاة لتاريخ جديد هجري وليس ميلادي وهو 20 من رمضان من كل عام، هل يجوز ذلك وكيف أعمل هذا حيث إنه سيكون هناك فرق بين التاريخ الحالي والتاريخ الجديد لإخراج الزكاة؟.جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشترط أهل العلم لوجوب الزكاة شروطاً منها بلوغ النصاب، وحولان الحول بالتاريخ الهجري وليس بالتاريخ الميلادي، وأجمعوا على أنه لا يجوز تعجيلها قبل أن يكتمل النصاب، قال ابن قدامة: ولا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب بغير خلاف علمناه. والعلة في ذلك أنه تعجيل للحكم قبل سببه.
واختلفوا في جواز تعجيلها قبل تمام حولها، فذهب المالكية إلى أنه لا يجوز تعجيل الزكاة قبل تمام الحول بمدة كبيرة، لما رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول. وبه قال ربيعة وسفيان الثوري وداوود وأبو عبيد، إلا أنهم قالوا: إنه يجوز إخراجها إذا قارب الحول على التمام بنحو شهر مع الكراهة، قال خليل: أو قدمت بكشهر. قال شارحه فتجزئ مع الكراهة، سواء كان التقديم لمستحقها أو لوكيل يدفعها له.
وذهب أكثر أهل العلم إلى جواز تعجيلها قبل تمام الحول من غير كراهة، لا سيما إن كان ثم مصلحة، كأن يوجد بالفقراء حاجة عاجلة، أو تنزل بالمسلمين نازلة، لما رواه الخمسة إلا النسائي عن علي رضي الله عنه أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل زكاته قبل أن تحل فرخص له في ذلك، قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام. رواه الترمذي، وقال: وقد اختلف أهل العلم في تعجيل الزكاة قبل محلها، فرأى طائفة من أهل العلم أن لا يعجلها، وبه قال سفيان الثوري قال: أحب إلي أن لا يعجلها، وقال أكثر أهل العلم إن علجها قبل محلها أجزأت عنه، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق. انتهى.
قال ابن تيمية رحمه الله: يجوز تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد وجود سبب الوجوب عند جمهور العلماء منهم الأئمة: أبو حنيفة والشافعي وأحمد، فيجوز تعجيل زكاة الماشية، والنقدين، وعروض التجارة، إذا ملك النصاب.
وسبب الخلاف في ذلك -كما ذكر ابن رشد- أن الزكاة هل هي عبادة؟ أو حق للمساكين؟ فمن قال: إنها عبادة وشبهها بالصلاة لم يجز إخراجها قبل الوقت، ومن شبهها بالحقوق الواجبة المؤجلة أجاز إخراجها قبل الأجل على جهة التطوع. انتهى.
والراجح أنه يجوز تقديم الزكاة قبل تمام الحول إذا وجد سبب الوجوب وهو: ملك نصاب كاملاً ، وتأخير الأداء إلى تمام الحول هو من باب التيسير على أرباب الأموال، فلو أخرجها ربها قبل الحول صح، كما في الدين المؤجل الذي يعجله صاحبه قبل بلوغ أجله.
وأما المال الذي حصلت عليه أثناء الحول، فإما أن يكون ناتجاً عن الأول ففي هذه الحالة يعتبر مالاً واحداً تجب زكاته كله ولا يشترط في الربح حولان الحول عليه، بل حوله بحول أصله.
وأما إذا لم يكن أحدهما ناتجاً عن الآخر، ففي هذه الحالة أنت بالخيار بين حالتين:
أولهما: أن تضم المتأخر منهما إلى المتقدم وتجعل لهما حولاً واحداً هو حول الأول منهما، وهذا هو الأحظ للفقراء، والأقل تعباً لك أنت.
والثانية: أن تجعل لكل مال حولاً مستقلاً.
وعليه، فلا يجوز لك تأخير إخراج الزكاة، ولكن يجوز تقديمها حسب التفصيل السابق، وننبهك أخي الكريم إلى أن هناك فرقاً بين عدد أيام السنة الهجرية والميلادية، فالفرق بين كل سنة هجرية مع السنة الميلادية هو اثنا عشر يوماً تقريباً، ولذا فإن عليك أن تجتهد في تحديد السنوات التي أخرجت الزكاة فيها بالسنة الميلادية وحساب الأيام الزائدة ثم إضافتها إلى الحول الهجري للزكاة، وهناك طريقة أخرى وهي أنك إذا عرفت التاريخ الهجري عند أول مرة أخرجت فيها الزكاة فاجعله الآن هو وقت إخراجك للزكاة في السنوات القادمة.
والله أعلم.