ذكر الطلاق بلسان العجم
أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن العجمي إذا طلق بلسانه وأراد الطلاق أن الطلاق لازم له.
كذلك قال الشعبي، والنخعي، والحسن، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، والنعمان، وزفر، غير أنهم اختلفوا.
وكان الشعبي يقولان: إن لم يرد طلاقا فليس بشيء في قوله: بهشتم. [ ص: 196 ] والنخعي
وقال أحمد: أقل ما يكون إذا قال: بهشتم، تطليقة.
وقال النعمان: إذا أراد الطلاق فتطليقة بائنة، وإن قال: بهشتم، ولم ينو طلاقا فليس بشيء، ويلزمه في القضاء، وقال زفر: إذا قال: بهشتم، فهي تطليقة بائنة.
قال أبو بكر: مثل تصريح الطلاق بلسان العرب، لم يجز أن يفرق بينهما، فيجعل لأحدهما إذا صرح الطلاق الرجعة، ويمنع الآخر ذلك، وهما في الأمر والنهي والوعد والوعيد وأحكام القرآن سواء. إذا قال الفارسي لزوجته: بهشتم، وكان ذلك عندهم تصريحا للطلاق،
وإذا كان النكاح والبيوع والهبات تنعقد بألسنتهم ويستوون فيما بينهم في أحكامها ويلزمون فيها ما يلزم العرب، وكذلك يجب أن تستوي أحكامهم في الطلاق، وهي الإيلاء والظهار والقذف والأيمان والشهادات والإقرار بالديون والإبراء منها، وجميع أحكام الإسلام، وإن كانت هكذا فليس لقول من قال: إنها تطليقة بائنة معنى، ويلزمه إذا جعلها واحدة أن لا يوقع عليها ثانية لو أعاد الكلمة، فيكون قد جعلها في معنى من لم يدخل بها، ولا عدة عليها، وهذا ترك منه لأصله [إذ] جعل مدخولا بها في معنى من لم يدخل بها. [ ص: 197 ]