[ ص: 56 ] بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
يقول الفقير إلى مغفرة ربه الكريم أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن سليم البوصيري لطف الله به:
الحمد لله الذي لا تنفد خزائنه مع كثرة أفضاله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة موحد صادق في مقاله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أوتي جوامع الكلم ومحاسن السنن، صلى الله وسلم عليه وعلى أصحابه وآله.
وبعد، فقد استخرت الله الكريم الوهاب في الأعلام الأجلاء الأيقاظ: إفراد زوائد مسانيد الأئمة الحفاظ أبي داود الطيالسي، ومسدد، والحميدي، وابن أبي عمر، وإسحاق بن راهويه، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن منيع، وعبد بن حميد، والحارث بن محمد بن أبي أسامة، على الكتب الستة: صحيحي وأبي يعلى الموصلي الكبير البخاري ومسلم، وأبي داود، والترمذي، الصغرى، والنسائي - رضي الله عنهم أجمعين. وابن ماجه
فإن كان الحديث في الكتب الستة أو أحدها من طريق صحابي واحد لم أخرجه إلا أن يكون الحديث فيه زيادة عند أحد المسانيد المذكورة تدل على حكم، فأخرجه بتمامه، ثم أقول في آخره: رووه، أو بعضهم باختصار، وربما بينت الزيادة مع ما أضمه إليه من مسندي أحمد بن حنبل وصحيح والبزار، وغيرهم كما سيرى - إن شاء الله تعالى. ابن حبان
وإن كان الحديث من طريق صحابيين فأكثر، وانفرد أحد المسانيد بإخراج طريق منها أخرجته، وإن كان المتن واحدا، وأنبه عقب الحديث أنه في الكتب الستة أو أحدها من طريق فلان مثلا إن كان، لئلا يظن أن ذلك وهم، فإن لم يكن الحديث في الكتب الستة أو أحدها من طريق صحابي آخر ورأيته في غير الكتب الستة نبهت عليه للفائدة وليعلم أن الحديث ليس بفرد.
وإن كان الحديث في مسندين فأكثر من طريق صحابي واحد أوردته بطرقه في موضع واحد إن اختلف الإسناد، وكذا إن اتحد الإسناد بأن رواه بعض أصحاب المسانيد معنعنا، [ ص: 57 ] وبعضهم صرح فيه بالتحديث، فإن اتفقت الأسانيد في إسناد واحد ذكرت الأول منها ثم أحيل عليه.
وإن كان الحديث في مسند بطريقين فأكثر ذكرت اسم صاحب المسند في أول الإسناد، ولم أذكره في الثاني ولا ما بعده; بل أقول: قال، ما لم يحصل اشتباه، هذا كله في الإسناد.
وأما المتن، فإن اتفقت المسانيد على متن بلفظ واحد سقت متن المسند الأول حسب، ثم أحيل ما بعده عليه، وإن اختلفت ذكرت متن كل مسند، وإن اتفق بعض واختلف بعض ذكرت المختلف فيه، ثم أقول في آخره: فذكره.
وقد أوردت ما رواه تعليقا، البخاري في المراسيل، وأبو داود في الشمائل، والترمذي في الكبرى، وفي عمل اليوم والليلة، وغير ذلك مما ليس في شيء من الكتب الستة. والنسائي
ورتبته على مائة كتاب، أذكرها ليسهل الكشف منها، وهي:
كتاب الإيمان، كتاب القدر، كتاب العلم، كتاب الطهارة، كتاب الحيض، كتاب الصلاة، كتاب المواقيت، كتاب الأذان، كتاب المساجد، كتاب الإمامة، كتاب القبلة وفيه ستر العورة، كتاب افتتاح الصلاة، كتاب السهو، كتاب قصر الصلاة، كتاب الجمعة، كتاب صلاة الخوف، كتاب العيدين، كتاب الخسوف، كتاب الاستسقاء، كتاب النوافل، كتاب الجنائز، كتاب الزكاة، كتاب الصوم، كتاب الحج وفيه آداب السفر، كتاب البيوع والسلم، كتاب الرهن، كتاب التفليس، كتاب الصلح، كتاب الضمان، كتاب الشركة، كتاب العارية، كتاب الغصب، كتاب الشفعة، كتاب القرض، كتاب الإجارة، كتاب الزراعة، كتاب إحياء الموات، كتاب الوقف، كتاب الهبات وفيه عطية الرجل ولده، كتاب اللقيط، كتاب الفرائض، كتاب الوصايا، كتاب الوديعة، كتاب النكاح، كتاب الصداق والوليمة، كتاب القسم والنشوز، كتاب الخلع والطلاق، كتاب الرجعة، كتاب الإيلاء، كتاب الظهار، كتاب اللعان، كتاب العدد، كتاب الرضاع، كتاب النفقات، كتاب الديات، كتاب القسامة، كتاب قتال أهل البغي، كتاب المرتد، كتاب السرقة، كتاب الحدود والقذف، كتاب الأطعمة، كتاب الأشربة والحد فيها، كتاب الطب، كتاب الرقى والتمائم، كتاب اللباس والزينة، كتاب الإمارة، كتاب الهجرة، كتاب الجهاد، كتاب المغازي والسير وقسم الفيء والغنيمة، كتاب الجزية، كتاب الصيد والذبائح، كتاب الضحايا، كتاب العقيقة، كتاب السبق والرمي، كتاب الأيمان، كتاب النذور، كتاب القضاء، كتاب الشهادات، كتاب العتق، كتاب الولاء، كتاب المدبر والمكاتب، كتاب عتق أمهات [ ص: 58 ] الأولاد، كتاب البر والصلة، كتاب الأدب، كتاب العجائب، كتاب فضائل القرآن وتعلمه، كتاب التفسير، كتاب التعبير، كتاب الأذكار، كتاب الأدعية، كتاب الاستعاذة، كتاب علامات النبوة، كتاب المناقب، كتاب المواعظ، كتاب التوبة والاستغفار، كتاب الزهد والورع، كتاب الفتن، كتاب القيامة، كتاب صفة النار، كتاب صفة الجنة.
وسميته: "إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة".
وأنا سائل أخا ينتفع بشيء منه أن يدعو لي ولوالدي ومشايخي وسائر أحبائي والمسلمين أجمعين.
وقد رأيت أن أقدم قبل الشروع في هذا الكتاب مقدمة في تراجم أصحاب المسانيد العشرة.
فأما أبو داود الطيالسي: فهو سليمان بن الجارود بن داود الحافظ.
روى عن ابن عون، وشعبة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وغيرهم. وابن المبارك
وروى عنه: محمد بن بشار بندار، وأحمد بن الفرات، والكديمي، وغيرهم.
روى له وأصحاب السنن الأربعة مسلم تعليقا. والبخاري
قال ثقة صدوق. وقال أحمد بن حنبل: هو أحب إلي من ابن معين: ابن مهدي وقال وشعبة. ثقة، من أصدق الناس لهجة. وقال النسائي: الفلاس وابن سعد: ثقة. وذكره في الثقات. وقال ابن حبان الخطيب: كان ثقة مكثرا حافظا. وحكى عن أبو نعيم عامر بن إبراهيم الأصبهاني قال: سمعت قال: كتبت عن ألف شيخ. وقال أبا داود الذهبي في الكاشف: قال أسرد ثلاثين ألف حديث ولا فخر. ومع ثقته فقد قال أبو داود الطيالسي: أخطأ في ألف حديث. وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: الذهبي أيضا: كان يسميه جبل العلم. توفي سنة أربع ومائتين. وكيع
وأما وقال مسدد: فهو ابن مسرهد بن مسربل، العجلي: وذكر مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد. أن اسم الرابع البخاري مرعبل. وذكر الذهبي في طبقات الحفاظ أن منصور بن عبد الله الخالدي زاد في نسب ثلاثة أسماء على وزن ما ذكره مسدد وزعم البخاري. منصور الخالدي أنه ولم يتابع عليه. [ ص: 59 ] مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن أرندل بن سرندل بن غرندل بن ماسك
روى عن: جويرية بن أسماء، وحماد بن زيد، وأبي عوانة، وعدة.
وعنه: البخاري، وأبو داود، وأبو حاتم، وأبو خليفة.
روى له: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
قال صدوق. وقال أحمد بن حنبل: ثقة ثقة. وقال ابن معين: أبو حاتم والنسائي وابن قانع والعجلي: ثقة. وقال يقال: إنه أول من صنف المسند ابن عدي: بالبصرة. وذكره في الثقات. ابن حبان
وقال الذهبي: مات سنة ثمان وعشرين ومائتين.
وأما الحميدي فهو عبد الله بن الزبير أبو بكر القرشي المكي أحد الأعلام.
سمع: سفيان بن عيينة، والزنجي، وأنس بن عياض، وإبراهيم بن سعد، وغيرهم.
وروى عنه: البخاري، وأبو زرعة، وخلق. وأبو حاتم،
روى له: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، في مقدمة كتابه، ومسلم في التفسير. وابن ماجه
قال كان ثقة كثير الحديث. وقال ابن سعد: أحمد بن حنبل: عندنا إمام. وقال الحميدي أثبت الناس في أبو حاتم: ابن عيينة وهو رئيس أصحاب الحميدي، وهو ثقة إمام. وقال ابن عيينة، إذا وجدت الحديث عنه لا نخرجه إلى غيره من الثقة به. وقال البخاري: في الثقات: صاحب سنة وفضل ودين. وقال ابن حبان ذهب مع ابن عدي: إلى الشافعي مصر وكان من خيار الناس. وقال ثقة مأمون. وقال الحاكم: الفسوي: ما لقيت أنصح للإسلام وأهله منه.
وقال الذهبي: مات سنة تسع عشرة ومائتين.
وأما ابن أبي عمر: فهو محمد بن يحيى بن أبي عمر الحافظ العدني أبو عبد الله، نزل مكة المشرفة .
روى عن: الفضيل بن عياض، والمعتمر بن سليمان، وسفيان بن عيينة، وبشر بن السري، وغيرهم. والدراوردي،
وعنه: مسلم، والترمذي، وغيرهم. وابن ماجه،
أثنى عليه وقال أحمد بن حنبل. كان صدوقا. وذكره أبو حاتم: في الثقات. وقال ابن حبان مسلمة: لا بأس به. وقال في الجامع: سمعت الترمذي [ ص: 60 ] يقول: اختلفت إلى ابن أبي عمر ثماني عشرة سنة، وكان ابن عيينة أكبر مني بسنة. قال الحميدي وسمعت الترمذي: يقول: حججت سبعين حجة ماشيا. ابن أبي عمر
وأما إسحاق بن راهويه: فهو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه أبو يعقوب المروزي.
روى عن الدراوردي، وجرير، ومعتمر، ووكيع، وطبقتهم. وبقية بن الوليد
وعنه ما عدا ابن ماجه وبقية شيخه وخلق من آخرهم السراج. أملى مسنده من حفظه.
وسئل عنه فقال: مثل أحمد بن حنبل إسحاق يسأل عنه! إسحاق عندنا إمام من أئمة المسلمين. وقال ثقة مأمون. النسائي:
وقال الذهبي: توفي وله سبع وسبعون سنة في شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
وأما أبو بكر بن أبي شيبة: فهو عبد الله بن محمد بن أبي شيبة أبو بكر العبسي مولاهم الكوفي الحافظ، صاحب التصانيف.
روى عن: شريك، وابن المبارك، وهشيم، ووكيع، ويزيد بن هارون، وعفان، وخلف بن خليفة، وسفيان بن عيينة.
وعنه: عبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والفريابي، وأبو يعلى الموصلي، والباغندي، وغيرهم.
قال الفلاس: ما رأيت أحفظ منه. وقال صالح جزرة: أحفظ من أدركنا عند المذاكرة وقال أبو بكر بن أبي شيبة. صدوق. وقال أحمد بن حنبل: العجلي وأبو حاتم ثقة زاد وابن خراش: العجلي: وكان حافظا للحديث. وقال في الثقات: كان متقنا حافظا دينا. وقال ابن حبان انتهى العلم إلى أربعة: أبو عبيد القاسم بن سلام: أبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المديني. أسردهم، وأبو بكر أفقههم، وأحمد ويحيى أجمعهم له، وعلي أعلمهم به. وقال ابن قانع: ثقة ثبت.
وقال الذهبي: توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين.
وأما أحمد بن منيع: فهو أحمد بن منيع بن عبد الرحمن البغوي أبو جعفر الأصم الحافظ صاحب المسند. [ ص: 61 ]
روى عن: هشيم، وعباد بن عباد، وإسماعيل ابن علية، ويزيد بن هارون، وغيرهم. وأبي بكر بن عياش
وعنه: الجماعة كلهم، لكن بواسطة، البخاري وابن خزيمة، والبغوي سبطه، وآخرون.
قال صدوق. وقال أبو حاتم الرازي: النسائي وصالح جزرة: ثقة. وذكره في الثقات. ابن حبان
وقال الذهبي: مات سنة أربع وأربعين ومائتين، وله أربع وثمانون سنة.
وأما عبد بن حميد: فهو أبو محمد الكسي - على الأصح - ويقال فيه: الكشي. اسمه عبد الحميد، حافظ جوال ذو تصانيف.
روى عن: علي بن عاصم، وابن أبي فديك، وأبي بكر بن أبي شيبة، والنضر بن شميل، وعبد الرزاق، وأحمد بن يونس، ومحمد بن الفضل.
روى عنه: مسلم، وخلائق من آخرهم والترمذي، إبراهيم بن خريم الشاشي.
قال في باب دلائل النبوة: وقال البخاري ثنا عبد الحميد: فذكر حديث حنين الجذع يقال: هو عثمان بن عمر وذكره عبد بن حميد. في الثقات. وحكى ابن حبان غنجار في تاريخ بخارى قال: كان يحيى بن عبد الغفار الكسي مريضا، فعاده فقال: لا أبقاني الله بعدك. فماتا جميعا، مات عبد بن حميد، يحيى وعبد في اليوم الثاني فجأة من غير مرض، ورفعت جنازتهما في يوم واحد.
وقال الذهبي: مات سنة تسع وأربعين ومائتين.
وأما الحارث: فهو الحارث بن محمد بن أبي أسامة - واسم أبي أسامة: داهر - أبو محمد التميمي. ولد سنة خمس وثمانين ومائة، سمع الحارث يزيد بن هارون، وعلي بن عاصم، وعبد الوهاب الخفاف، وروح بن عبادة، وعبد الله بن بكر السهمي، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وهذه الطبقة من شيوخ أحمد بن حنبل.
روى عنه: أبو جعفر الطبري، وأبو بكر النجاد، وأبو بكر الشافعي، وآخرون.
وكان حافظا عارفا بالحديث، عالي الإسناد، تكلم فيه الأزدي بلا حجة.
قال اختلف فيه عندي، وهو صدوق. وقال الدارقطني: ضعيف. ولينه بعض البغاددة، لكونه يأخذ على الرواية. وذكره ابن حزم: في الثقات. وقال ابن حبان ثقة. وقال إبراهيم [ ص: 62 ] الحربي: بلغ ستا وتسعين سنة، وكان ثقة. أحمد بن كامل:
وقال الذهبي: مات سنة 282.
وأما أبو يعلى الموصلي: فهو أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي.
سمع: علي بن الجعد، وابن معين، وغيرهم. وشيبان بن فروخ،
وروى عنه الحفاظ: أبو علي النيسابوري، وحمزة الكناني، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو حاتم بن حبان، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو عمرو بن حمدان، وآخرون.
وقد خرج هو لنفسه معجما في ثلاثة أجزاء، ومسندا كبيرا سمعه كله ابن المقرئ.
قال ابن السمعاني: سمعت إسماعيل بن محمد التميمي يقول: المسانيد كلها كالأنهار، ومسند كالبحر يكون مجمع الأنهار. وقال أبي يعلى كنت أرى الحاكم: أبا علي النيسابوري معجبا بأبي يعلى وإتقانه وحفظه. وقال أبو عمرو الحربي: كان يحدث احتسابا. وقال ثقة متقن. وقال ابن حبان: ثقة مأمون. ولد الحاكم: في شوال سنة عشر، وارتحل وله خمس عشرة سنة. ومات سنة سبع وثلاثمائة. وقال أبو يعلى يزيد بن محمد الأزدي في تاريخ الموصل: كان من أهل الصدق والأمانة والدين، غلقت الأسواق يوم موته، وحضر جنازته من الخلق أمر عظيم. [ ص: 63 ] أبو يعلى