5 - نعم ؛ وقد كان ضمن الخادم خدمة الساحة النظامية ، بكتاب آخر ، هو - لعمر الله - النبأ العظيم ، والخطب الجسيم ، والأمر الذي لم يجر بمثله ذكر ، ولم يحوم عليه نظم ولا نثر ، والبحر الخضم الذي ليس لبدائعه شاطئ وعبر . ولست والله [ ص: 13 ] أتصلف بالإسهاب في ذكره ، وإنما أنبه على علو قدره ، وكم اكتننته في أحناء الصدر ، حتى نقدته يد السبر ، وأنضجته نار الفكر ، ثم استقته مصححا منقحا إلى سيد الورى ، ومؤيد الدين والدنيا ، وملاذ الأمم ومستخدم السيف والقلم ، ومن ظل ظل الملك بيمن مساعيه ممدودا ، ولواء النصر معقودا ، فكم باشر أوار الحرب ، وأدار رحى الطعن والضرب ، فلا يده ارتدت ، ولا طلعته البهية اربدت ، ولا غربه انثنى ، ولا حده نبا ، قد سدت مسالك المهالك صوارمه ، وحصنت الممالك صرائمه ، وحلت شكائم العدى عزائمه ، وتحصنت المملكة بنصله ، وتحسنت الدنيا بأفضاله وفضله ، وغمر ببره آفاق البلاد ، ونفى الغي [ ص: 14 ] عنها بالرشاد ، وجلى ظلام الظلم عدله ، وكسر فقار الفقر بذله ، وكانت خطة الإسلام شاغرة ، وأفواه الخطوب إليها فاغرة ، فجمع الله برأيه الثاقب شملها ، ووصل بيمن نقيبته حبلها ، وأضحت الرعايا برعايته وادعة ، وأعين الحوادث عنها هاجعة ، فالدين يزهو بتهلل أساريره ، وإشراق جبينه ، والسيف يفخر في يمينه ، ويرجوه الآيس البائس في أدراج أنينه ، ويركع له تاج كل شامخ بعرنينه ، ويهابه الليث المزمجر في عرينه .
6 - فما أجدر هذه السدة المنيفة بمجموع يجمع أحكام الله تعالى في الزعامة ، بين الخاصة والعامة ، ليكون شوف الرأي السامي ، قدامه وأمامه ، فيما يأتي ويذر إمامه ، ثم تتأبد فائدته وعائدته إلى قيام القيامة .