( الثالث )
العلماء والمغازون وأرباب الأموال والسعة ، وأول ما يحاسب عليه العبد الصلاة كما أخرج الإمام أول من يحاسب ، عبد الله بن المبارك وأبو داود ، وحسنه ، والترمذي والحاكم وصححه ، ، والنسائي من حديث وابن ماجه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أبي هريرة
"
أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ؟ ثم تؤخذ الأعمال على ذلك " . وأخرج أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة ، يقول الله تعالى لملائكته : انظروا لصلاة عبدي أتممها أم نقصها ؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة ، وإن كان نقص منها شيئا قال الله : انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فإن كان له تطوع قال : عن النسائي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ابن مسعود " . فإن قيل : قد أول ما يحاسب عليه العبد صلاته ، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) ، والجواب : أنه معارض بقوله تعالى : ( ورد في التنزيل أن الناس لا يسألون قال تعالى : ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) ، ويجاب عن الآية الكريمة بأنهم لا يسألون سؤال استفهام ؛ لأنه تعالى عالم بكل أعمالهم ، وإنما يسألون سؤال تقرير فيقال لهم : فعلتم كذا .
قال في البهجة كغيره : قال الحسن وقتادة : لا يسألون عن ذنوبهم ؛ لأن الله تعالى حفظها عليهم ، وكتبتها الملائكة .
وقيل : يسئلون في موطن دون موطن ، رواه عكرمة عن - رضي الله عنهما . ونظير هذا قوله تعالى : ابن عباس
( هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ) ، وفي الآية الأخرى ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) فللناس يوم القيامة حالات ، والآيات مخرجة باعتبار تلك الحالات ، ومن ثم قال في أجوبته القرآنية : الإمام أحمد
أول ما تبعث الخلائق على مقدار ستين سنة لا ينطقون ، ولا يؤذن لهم في الاعتذار فيعتذرون ، ثم يؤذن لهم في الكلام فيتكلمون ، فذلك قوله تعالى :
( ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا ) الآية فإذا أذن لهم في الكلام تكلموا واختصموا فذلك قوله تعالى :
( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) عند الحساب وإعطاء المظالم ، ثم يقال لهم بعد ذلك ( لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ) يعني في الدنيا ، فإن العذاب مع هذا القول كائن . انتهى .