الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
من نزلت فيه هذه الآية  

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، قال: حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله تعالى: واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها قال: هو رجل كان في بني إسرائيل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيهن ما يدعو به، وكان له امرأة له منها ولد وكانت سمجة دميمة، قالت: ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل، فدعا الله لها، فلما علمت أن ليس في بني إسرائيل أجمل منها رغبت عن زوجها وأرادت غيره، فلما رغبت عنه دعا الله أن يجعلها كلبة نباحة، وذهبت عنه دعوتان، فجاء بنوها وقالوا: ليس بنا على هذا صبر أن صارت أمنا كلبة نباحة يعيرنا الناس بها، فادع الله أن يردها إلى الحال التي كان عليها أولا، فدعا الله فعادت كما كانت فذهب فيها الدعوات الثلاث فسميت البسوس وقيل: أشأم من البسوس.

قال أبو الفرج: المشهور عند أهل السير والأخبار أن البسوس التي يقال من أجلها أشأم من البسوس، الناقة التي جرى فيما جرى من أمرها حرب داحس والغبراء، والمعروف من قول جمهور أهل التأويل أن قوله: واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها عنى به بلعم بن باعوراء الذي دعا للجبارين على موسى وبني إسرائيل، وقال بعضهم: نزلت في أمية بن أبي الصلت، ولكل واحد من هذين الذين سميناهما حديث طويل وقد جاء الخبر الذي وصفنا ما حكينا والله أعلم.

وفي هذا الخبر، قال: وكانت سمجة بكسر الميم مثل بطرة، وحكى سيبويه عن العرب: رجل سمج بتسكين الميم مثل سمح، وقال: فقالوا: سميح كقبيح، قال: ولم يقولوا سمح وإن كانت العامة قد أولعت به.

وقول الراوي في هذا الخبر: يعيرنا الناس بها، الفصيح من كلام العرب: عيرت فلانا كذا، وأما عيرته بكذا فلغة مقصرة عن الأولى في الاشتهار والفصاحة، وإن كانت هي الجارية على ألسنة العامة، ومن اللغة الأولى قول النابغة:


وعيرتني بنو ذبيان رهبته وهل علي بأن أخشاك من عار

وقال المتلمس:


يعيرني أمي رجال ولا أرى     أخا كرم إلا بأن يتكرما

وقال المقنع الكندي في اللغة الأخرى:


يعيرني بالدين قومي وإنما     تداينت في أشياء تكسبهم مجدا

التالي السابق


الخدمات العلمية