المجلس الخامس والخمسون
من جوامع الكلم
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل أبو بكر الناقد ، بسر من رأى ، سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة ، قال : حدثنا إبراهيم يعني ابن الهيثم ، قال : حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي الحمصي ، حدثنا حدثنا إسماعيل بن عياش ، مطعم بن المقدام ، عن نصيح القيسي ،
[ ص: 405 ] عن ركب المصري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى لمن تواضع في نفسه من غير منقصة ، وذل في غير مسكنة ، وأنفق مالا جمعه في غير معصية ، ورحم أهل الذل والمسكنة ، وخالط أهل الفقه والحكمة " . "
رواية أخرى للحديث
حدثنا إبراهيم بن سليمان بن حمدويه الدهان المروزي ، بالنهروان ، قدم للحج سنة تسع عشرة وثلثمائة ، قال : حدثنا أحمد بن علي بن سلمان أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن ثميلة ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن أبان ، عن قال : أنس ، سمع النبي صلى الله عليه وسلم قهقهة عند القبور ، فقال : ما يؤمن هذا بيوم الحساب ، ثم خطب فقال : يا أيها الناس ! كأن الموت فيها على غيرنا كتب ، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب ، وكأن الذين نشيع من الموتى يعني في نفر وهم إلينا راجعون ، وكأنا مخلدون بعدهم ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، طوبى لمن تواضع لله في غير منقصة ، وأنفق مالا جمعه في غير معصية ، ورحم أهل الذل والمسكنة ، وخالط أهل الفقه والحكمة ، طوبى لمن ذل في نفسه ، وطاب كسبه ، وصلحت سريرته ، وحسنت علانيته ، واعتزل عن الناس شره ، طوبى لمن عمل بعلمه ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله ، ووسعته السنة ، ولم يتعدها إلى بدعة .
قال : القاضي : لقد أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الموعظة ، وضمنها أصولا من الحكمة ، وأرشد فيها إلى ما يكسب النجاة والعصمة ، ويأمن العامل به المتقبل له العطب والهلكة .
وقد روي أن سمع رجلا ضحك في المقبرة ، فقال له : لا أكلمك أبدا . عبد الله بن مسعود
وحكي لنا عن مثله ، ولعمري إن المقبرة لمحلة يدعو حضورها ذا اللب وسلامة الصدر والقلب ، إلى الرهبة والدعاء ، والتذكر والبكاء ، روي بشر بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن ربه في زيارة قبر أمه ، فأذن له وأنه زارها في ألف مقنع ، فلم ير باك ولا باكية أكثر من يومئذ .