الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المجلس العشرون

حديث إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة

حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي الرجال الصالحي، قال: حدثنا أبو داود سليمان بن يوسف الحراني، حدثنا سعيد بن بزيع، قال: فحدثني محمد بن إسحاق، قال: فحدثني محمد بن محمد بن الوليد بن نويفع، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، قال: بعث بنو سعيد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عليه فأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقله، ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه، وكان ضمام رجلا جلدا أشعر ذا غديرتين فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا ابن عبد المطلب، قال: محمد؟ قال: نعم، قال: فيا ابن عبد المطلب فإني سائلك ومغلظ في المسألة، فلا تجدن في نفسك، قال: لا أجد في نفسي فسل عما بدا لك، قال: أنشدك الله إلهك وإله من كان [ ص: 150 ] قبلك وإله من هو كائن بعدك، آلله بعثك إلينا رسولا؟ قال: اللهم نعم، قال: فنشده مثلها، آلله أمرك أن نعبد الله وحده لا شريك له وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون معه؟ قال: اللهم نعم، قال: فنشده مثلها، آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس؟ قال: اللهم نعم، قال: ثم جعل يذكر شرائع الإسلام يناشده عند كل فريضة كما يناشده في التي قبلها، حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأؤدي هذه الفرائض، وأجتنب ما نهيتني عنه ولا أزيد ولا أنقص، قال: ثم انصرف إلى بعيره، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولى: "إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة". قال: فأتى إلى بعيره فأطلق عقاله ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللات والعزى، فقالوا: مه يا ضمام، اتق البرص، اتق الجذام، اتق الجنون، قال: ويلكم، والله ما يضران ولا ينفعان، إن الله تعالى بعث رسولا وأنزل كتابا لينقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به وما نهاكم عنه، قال: فوالله ما أمسى في ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلمة، قال: يقول ابن عباس: ما سمعنا بوافد قوم ذكر كلمة من ضمام بن ثعلبة.  

قال القاضي رحمه الله: لم يذكر لنا ما الكلمة، ولعلها ذهبت عن حفظ بعض الرواة أو سقطت من كتابه، وينبغي أن يكون معناه أعظم بركة أو ما أشبه هذا من الوجوه، وفي هذا الخبر: ما أبان عن حسن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ووطاءة كنفه ولين جانبه، وإجابته إلى الحلف لما فيه من تسكين نفس مساجله، وتأميله زوال الريب عن قلبه، وهو صلى الله عليه وسلم أصدق الناس في قيله، وأوفاهم أمانة فيما هو بسبيله.

التالي السابق


الخدمات العلمية