ائتوني بسكين أشقه بينكما
حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد أبو بكر النيسابوري، قال: حدثنا أحمد بن حفص، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عن إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزناد، الأعرج، عن عن النبي صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة، داود فقضى للكبرى، فخرجتا إلى سليمان فأخبرتاه، فقال: ائتوني بسكين أشقه بينكما، فقالت الصغرى: يرحمك الله هو ابنها، فقضى للصغرى به"، وقال "بينا امرأتان معهما ابناهما فجاء الذئب فذهب بأحدهما: فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى والله إن سمعت بالسكين قط قبل ذلك اليوم وما كنت أقول إلا المدية. أبو هريرة:
قال القاضي: السكين والمدية معا اسمان لهذه الأداة التي تذبح الحيوان وينحر بها وهما موجودان في كلام العرب، ولعل لم يعرف السكين ولم تكن من لغة قومه، فأما المدية فمؤنثة بحرف التأنيث الذي فيها وهو الهاء وجمعها مدى مثل زبية وزبى ورقية ورقى وكنية وكنى، قال الشاعر: أبا هريرة
من كل كوماء سحوف إذا جفت من اللحم مدى الجازر
وقد اختلفت أهل العلم بالعربية في تذكير السكين وتأنيثه، فذكر بعضهم وأنكر تأنيثه، وأنثه آخرون وأبوا تذكيره، وأجاز فريق الوجهين معا فيه، وهذا أولى الأقوال بالصواب عندنا فيه، لأن أولي المعرفة بهذا الباب قد حكوها وأتوا بشواهد ردوها فيها، وأنا ذاكر ما ورد في ذلك عنهم بمشيئة الله وتوفيقه.قال السكين تذكر، قال: وسألت أبو حاتم السجستاني: أبا زيد الأنصاري وغيرهما ممن أدركنا فكلهم يذكره وينكر التأنيث، قال: أنشدني والأصمعي الأصمعي للهذلي:
يرى ناصحا فيما بدا وإذا خلا فذلك سكين على الحلق حاذق
قال القاضي: الذي ذكره ابن الأنباري في تذكير لفظ حائض من العلة هو مذهب أصحابه الكوفيين، وقد خالفه فيه البصريون على اختلاف بينهم على تعيين العلة سوى أبي حاتم السجستاني فإنه اختار فيه قول الكوفيين، ولشرح هذا موضع هو أولى به. ولو سلم إلى ابن الأنباري اعتلاله في حائض لكان ما احتج به أبو عمر الجرمي من قولهم شفرة قاطع وحاذق كافيا فيما استدل به ولم يقل أبو بكر في هذا شيئا ولا عرض للمعتل بطعن في اعتلاله، وهذا [ ص: 143 ] يدل على لزومه إياه وعجزه عن الانفصال منه، وقد قالت العرب: امرأة عاشق وهذا مثل حاذق والعشق يكون للرجال والنساء وحدثنا أبو بكر الأنباري، قال: وأخبرنا عن أبو العباس، سلمة، عن أنه قال: السكين ذكر وقد أنثت، وأنشد في التأنيث: الفراء،
فعيث في السنام غداة قر بسكين موثقة النصاب
إذا أعرضت منها عناق رأيته بسكينه من حولها يتلهف
يلوذ بها عن عينها لا يروعها كأنه من حوبائه الموت يصرف
ادن إلى الشاة من خيارها وأخرج السكين من قمجارها