حدثنا وفود محمد بن القاسم الأنباري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الله بن عمرو الوراق، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن طهمان قال: حدثنا عمرو بن أبي عمرو الشيباني، عن قال: حدثني أبي عمرو الشيباني، قال: جلس مروان بن أبي حفصة، يوما للناس على سرير، وعند رجل السرير عبد الملك بن مروان محمد بن يوسف أخو وجعل الوفود يدخلون عليه الحجاج بن يوسف، ومحمد بن يوسف يقول: يا أمير المؤمنين! هذا فلان، هذا فلان، إلى أن دخل جرير بن الخطفى فقال: يا أمير المؤمنين! هذا جرير بن الخطفى، قال: فلا حياه الله، القاذف للمحصنات والعاضه لأعراض الناس - قال العاضه: المغتاب، ويقال: العاضه: النمام، ويقال: الساحر، قال أبو بكر بن الأنباري: القاضي: ومنه الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لعن العاضهة والمستعضهة، يعني الساحرة والمستسحرة، قال الراجز:
الماء من عضاههن زمزمه
وقيل في قول الله تعالى: الذين جعلوا القرآن عضين أقوال منها: هذا، وهو أن [ ص: 191 ] المشركين قالوا: هو سحر، وقيل: إنهم عضوه بأن آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، وقيل، بل اقتسموه بينهم استهزاء فقالوا: لفلان هذه السورة ولفلان هذه السورة، فعضوه كما تعضى الشاة وكما تجزأ أعضاء الجزور فتقسم وتوزع بين مقتسميها وهذا فيما يتضمن عنه بمشيئة الله وعونه كتابنا المسمى البيان الموجز عن علوم القرآن المعجز ونأتي على ما جاء فيه عن أهل العلم، وأصحاب التأويل والمفسرين، وعن أصحاب المعاني النحويين، ومن العضه السحر، ما أنشدنيه عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى:
أعوذ بربي من النافثا في عقد العاضه المعضه
تأبد الربع من سلمى بأجفار وأقفرت من سليمى دمنة الدار
أتصحو بل فؤادك غير صاح عشية هم صحبك بالرواح
تعزت أم حزرة ثم قالت رأيت الموردين ذوي اللقاح
تعلل وهي ساغبة بنيها بأنفاس من الشبم القراح
وأبنا وقد آمت نساء كثيرة ونسوان سعد ليس فيهن أيم
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
أتصحو أم فؤادك غير صاح
لم يقل له ما قال في المرة الأولى، ولما ختمها أمر له بمائة ناقة بأداتها ورعاتها، فقال جرير: يا أمير المؤمنين! اجعلها من إبل كلب، وإبل كلب إبل كرام.
قال القاضي: وقد كتبنا هذا الخبر عن أبي بكر بن الأنباري في مجلس آخر: فأتى به بزيادة في هذه القصيدة وأنشد فيه كلمة جرير كلها وفسر غريبها، وإذا عثرنا عليه رسمناه فيما نستقبله من مجالسنا هذه إن شاء الله.