حدثنا عبد الله بن جعفر بن إسحاق الحائري الموصلي بالبصرة ، قال: كنت في منزل أبي عبد الله نفطويه إذ دخل عليه غلام هاشمي نضر الوجه، فقال له: يا أستاذ! قد عملت من الشعر بيتين اسمعهما، فقال: انشد، فأنشأ يقول:
كم صديق منحته صفو ودي فجفاني وملني وقلاني [ ص: 253 ] قل ما مل ثم عاود وصلي
بعدما ذم صحبة الخلان
قال نفطويه: يا موصلي! ليس تجيئون بمثل هذه الملاحات. قال فأمسكت ساعة ثم عملت هذين البيتين: أبو محمد:
أحمد الله ما امتحنت صديقا لي إلا ندمت عند امتحاني
ليت شعري خصصت بالغدر من كل صديق أم ذاك حكم الزمان
قال القاضي: وقد قال متقدمو الشعراء ومتأخروهم فيما تضمنته هذه الأبيات الأربعة ما يتعب جمعه ويشق استيعابه، ولعلنا نودع مجالس كتابنا هذا كثيرا منه إن شاء الله تعالى.
ومما جاء في هذا:
ذممتك جاهدا حتى إذا ما بلوت سواك عاد الذم حمدا
ولم أحمدك من خير ولكن وجدت سواك شرا منك جدا
فعدت إليك مبتئسا ذليلا لأني لم أجد من ذاك بدا
كذي جوع تحامى أكل ميت فلما اضطر عاد إليه شدا
والبيت السائر في هذا المعنى:
عتبت على بشر فلما جفوته وعاشرت أقواما بكيت على بشر