الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المجلس الثامن والثلاثون

إذا أحب الله عبدا منحه القبول

حدثنا الحسين بن محمد بن إشكاب ، قال: حدثنا إبراهيم بن محشر ، قال: حدثنا عبيدة بن حميد ، عن سهل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل صلى الله عليه، فقال: إني أحببت فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، قال: وينادي جبريل في السماء: إن الله تعالى قد أحب فلانا فأحبوه، قال: فيحبه أهل السماء، قال: ويوضع له القبول في الأرض، قال: ولا أدري لعله قال في البغض مثل ذلك.  

شرح الحديث

قال القاضي : إن الله جل جلاله يحب من عباده من أطاعه، ويضع القبول لمن قبل وصاياه وعمل بما يعود بمرضاته، فنسأل الله تعالى توفيقنا لطاعته الموجبة لمحبته، وعصمتنا من معصيته المؤدية إلى سخطه، فطوبى لمن أطاع ربه فأحبه، وويل لمن عصاه وأغضبه، وقد قال الله تعالى ذكره: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم وقال جل اسمه: وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم ، [ ص: 286 ] ومن أحبه ربه أكرمه ولم يهنه، ونعمه ولم يعذبه، ولقد أحسن القائل:


تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا مجال في القياس شنيع     لو كان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن أحب مطيع



ضبط بعض المصادر التي أتت على فعول

قوله في هذا الخبر: ويوضع له القبول في الأرض، والقبول والوقود والولوع والوضوء والطهور مصادر جاءت على فعول،  والظاهر الفاشي في المصادر الفعول، وأكثر ما يأتي في اللازم من الفعل غير المتعدي، كالقعود والجلوس وما أشبههما، ويطرد الفرق بين الاسم بالفتح والمصدر بالضم، وذلك كالسحور والفطور والصعود والصعود والهبوط والهبوط وما أشبه هذا، وقد اختلف في الوقود والوضوء ومجاريهما، وفي قراءة قوله: " وقودها الناس والحجارة " ووقود النار، وبيان هذا مرسوم في أولى المواضع به، ومن الولوع قول عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة :


إن همي قد نفى النوم عني     وحديث النفس شيء ولوع



في قوله: ولوع وجهان: يكون مصدرا مبدلا من شيء، ويكون صفة لشيء مثل رجل ضروب، وحكى الفراء عن الكسائي أنه روى: وجب البيع وجوبا، وذكر الفراء أنه لم يسمع في هذا إلا الضم، فأما جمهور أهل العلم فلم يعرفوا في هذا الباب الفتح إلا في الأحرف الخمسة التي قدمنا ذكرها على ما في بعضها من الاختلاف في تفصيله وتصريفه، وإذا ضم إلى هذا ما حكيناه عن الكسائي فهو حرف سادس، وقد وجدنا حرفا سابعا في هذا محكيا، وهو غريب نادر وذلك الوجور .

حدثنا محمد بن محمود الأزهري ، عن أبي العباس ثعلب : وجرت الصبي آجره وجورا ووجورا.

التالي السابق


الخدمات العلمية