حدثنا محمد بن الحسن بن دريد ، قال : أخبرنا أبو حاتم ، قال : أخبرنا قال : العتبي ، الوليد بن يزيد نظر إلى جارية نصرانية من أهيأ الناس يقال لها سفرى ، فجن بها وجعل يراسلها وتأبى عليه ، حتى بلغه أن عيدا للنصارى قد قرب ، وأنها ستخرج فيه وكان موضع العيد بستان حسن ، وكان النساء يدخلنه ، فصانع الوليد صاحب البستان أن يدخله فينظر إليها فتابعه ، وحضر الوليد وقد تقشف وغير حليته ، ودخلت سفرى البستان فجعلت تمشي حتى انتهت إليه ، فقالت لصاحب البستان : من هذا ؟ قال لها : رجل مصاب ، فجعلت تمازحه وتضاحكه حتى اشتفى من النظر إليها ومن حديثها ، فقيل لها : ويلك ! تدرين من ذلك الرجل ؟ قالت : لا ، فقيل لها : الوليد بن يزيد فإنما تقشف حتى ينظر إليك ، فجنت به بعد ذلك ، وكانت عليه أحرص منه عليها ، فقال كان الوليد في ذلك :
أضحى فؤادك يا وليد عميدا صبا قديما للحسان صيودا من حب واضحة العوارض طفلة
برزت لنا نحو الكنيسة عيدا ما زلت أرمقها بعيني وامق
حتى بصرت بها تقبل عودا عود الصليب فويح نفسي من رأى
منكم صليبا مثله معبودا فسألت ربي أن أكون مكانه
وأكون في لهب الجحيم وقودا
قال القاضي : لم يبلغ مدرك الشيباني هذا الحد من الخلاعة فيما قال في عمرو النصراني :
يا ليتني كنت له صليبا وكنت منه أبدا قريبا
أبصر حسنا وأشم طيبا لا واشيا أخشى ولا رقيبا
ألا حبذا سفرى وإن قيل إنني كلفت بنصرانية تشرب الخمرا
يهون علينا أن نظل نهارنا إلى الليل لا أولى نصلي ولا عصرا