الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يستحيي من النهر

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، قال : حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق القاضي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح الوحاصي ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد الحضرمي ، عن كعب الأحبار .

أن رجلا من بني إسرائيل أتى فاحشة فدخل نهرا يغتسل فيه ، فناداه الماء : يا فلان ألا تستحي ألم تتب من هذا الذنب ؟ فقلت إنك لا تعود فيه ؟ فخرج من الماء فزعا وهو يقول : لا أعصي الله ، فأتى جبلا فيه اثنا عشر رجلا يعبدون الله فلم يزل معهم حتى تخطوا موضعهم فنزلوا يطلبون الكلأ ، فمروا على ذلك النهر ، فقال الرجل : أما أنا فلست بذاهب معكم ، قالوا له : لم ؟ قال : لأن ثم من قد اطلع مني على خطيئة فأنا أستحيي منه أن يراني ، فتركوه ومضوا ، فناداهم النهر : يا أيها العباد ! ما فعل صاحبكم ؟ قالوا : زعم لنا أن ها هنا من قد اطلع منه على خطيئة [ ص: 362 ] فهو يستحيي منه أن يراه ، قال : يا سبحان الله ! إن بعضكم ليغضب على ولده أو على قراباته ، فإذا تاب ورجع إلى ما يحب أحبه ،  وإن صاحبكم قد تاب ورجع إلى ما أحب فأنا أحبه ، فأتوه فأخبروه ، واعبدوا الله على شاطئي . فأخبروه فجاء معهم فأقاموا يعبدون الله زمانا ، ثم إن صاحب الفاحشة توفي ، فناداهم النهر : يا أيها العباد والعبيد الزهاد ! غسلوه من مائي وادفنوه على شاطئي حتى يبعث يوم القيامة من قربي ، ففعلوا به ذلك ، وقالوا : نبيت ليلتنا هذه على قبره نبكي ، فإذا أصبحنا سرنا ، فباتوا على قبره يبكون ، فلما جاء وجه السحر غشيهم النعاس ، فأصبحوا وقد أنبت الله على قبره اثنتي عشرة سروة ، فكان أول سرو أنبته الله تعالى على وجه الأرض ، فقالوا : ما أنبت هذا الشجر في هذا المكان إلا وقد أحب عبادتنا فيه ، فأقاموا يعبدون الله على قبره ، كلما مات منهم رجل دفنوه إلى جانبه حتى ماتوا بأجمعهم ، قال كعب : فكانت بنو إسرائيل يحجون إلى قبورهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية