أضمر الملك لنا شرا
حدثنا قال : حدثني أحمد بن كامل ، محمد بن موسى بن حماد القيسي ، قال : حدثنا قال محمد بن أبي السري ، هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبيه قال : كسرى في بعض أيامه للصيد ومعه أصحابه ، فعن له صيد فتبعه حتى انقطع عن أصحابه وأظلته سحابة فأمطرت مطرا حال بين أصحابه وبين اللحوق به فمضى لا يدري أين يقصد ، فرفع له كوخ فقصده فإذا عجوز بباب الكوخ وأدخل فرسه وأقبل الليل فإذا ابنة العجوز قد جاءت معها بقرة قد رعتها بالنهار ، فأدخلتها الكوخ وكسرى ينظر ، فقامت العجوز إلى البقرة ومعها آنية فاحتلبت البقرة لبنا صالحا وكسرى ينظر ، قال : فقال في نفسه : ينبغي أن يجعل على كل بقرة إتاوة ، فهذا حلاب كثير وأقام بمكانه ، فلما مضى أكثر الليل ، قالت العجوز : يا فلانة ! قومي إلى فلانة فاحتلبيها ، فقامت إلى البقرة فوجدتها حائلا لا لبن فيها ، فنادت أمها : يا أمتاه قد والله أضمر لنا الملك شرا ، قالت : وما ذاك ؟ قالت : هذه فلانة حائل ما تبس بقطرة ، قال : فقالت لها أمها : امكثي عنها قليلا ، قال : فقال [ ص: 398 ] كسرى في نفسه : من أين علمت ما أضمرت في نفسي ؟ أما إني لا أفعل ذلك ، قال : فمكثت ثم نادتها ، يا بنية ! قومي إلى فلانة ، قال : فقامت إليها فوجدتها جافلا ، فنادت أمها : يا أمتاه ! قد والله ذهب ما كان في نفس الملك من الشر هذه فلانة جافل فاحتلبتها ، وأقبل الصبح وتتبع الرجال إثر كسرى حتى أتوه ، فركب وأمر بحمل العجوز وابنتها إليه فحملتا ، فأحسن إليهما ، وقال : كيف علمت أن الملك قد أضمر شرا ، وأن الشر الذي أضمره قد عدل عنه ، قالت العجوز : أنا بهذا المكان من كذا وكذا ما عمل فينا بعدل إلا خصب بلدنا واتسع عيشنا ، وما عمل فينا بجور إلا ضاق عيشنا وانقطعت مواد النفع عنا . خرج
قال القاضي : قال كثير من أهل اللغة : إنما يقال فلانة في المرأة ، فأما ما عداها من البهائم وغيرها فوجه الكلام أن يقال : الفلانة ، والوجه الآخر عندي غير مستنكر ، إذ قد كانوا يخصون كل واحد منه التلقيب والتسمية . قول المرأة في هذا الخبر فلانة يعني البقرة ،