الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سوف يبحث عنه سنة كاملة

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد ، قال : أخبرني الحسن بن الخضر ، قال : أبو بكر - أظن عن أبيه ، قال :

كتب الحسن بن سهل إلى محمد بن سماعة القاضي : أما بعد فإني قد احتجت في أموري إلى رجل جامع لخصال الخير ، ذي عفة ونزاهة طعمة ، قد هذبته الآداب ، وأحكمته التجارب ، ليس بظنين في رأيه ، ولا بمطعون في حسبه ، إن اؤتمن على الأسرار قام بها ، وإن قلد مهما من الأمور أدى قبوله ، له سن مع أدب ولسان ، تقعده الرزانة ، ويسكته الحلم ، قد فر عن ذكاء وفطنة ، وعض عن قارحة من الكمال ، تكفيه اللحظة ، وترشده السكتة ، قد أبصر خدمة الملوك وأحكمها ، وقام بأمورهم فحذقها ، له [ ص: 399 ] أناة الوزراء ، وصولة الأمراء ، وتواضع العلماء ، وفهم الفقهاء ، وجواب الحكماء ، لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده ، يكاد يسترق قلوب الرجال بحلاوة لسانه ، وحسن لفظه ، دلائل الفضل عليه لائحة ، وأمارات العلم له شاهدة ، مضطلع بما استنهض ، مستقلا بما حمل ، وقد آثرتك بطلبه وحبوتك بارتياده ، ثقة بفضل اختيارك ، ومعرفة بحسن تأتيك ، فكتب إليه : إني عازم على أن أرغب إلى الله حولا كاملا في ارتياد هذه الصفة ، وأفرق الرسل الثقات إلى الآفاق لالتماسه ، وأرجو أن يمن الله تعالى بالإجابة ، وأفوز لديك بقضاء حاجتك إن شاء الله .  

قال القاضي أبو الفرج : قوله : في هذا الخبر : ونزاهة طعمة بكسر الطاء الطاعم وهو هيئة على فعلة للتطعم مثل الركبة والجلسة ، والطعمة بالضم الشيء المطعوم وما جعل للإنسان من ضد الطعمة ، قال الشاعر :


وما أن طبنا جبن ولكن منايانا وطعمة آخرينا



ويقال : قد جعلت هذه الأرض لفلان طعمة أي جعلها لطعمه ، والطعمة بالفتح المرة في القياس من طعمت طعمة واحدة مثل الركبة والجلسة .

التالي السابق


الخدمات العلمية