الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الجمانة الكنانية تقع في حب حممة

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرني عمي الحسين بن دريد عن أبيه قال حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي وعن أبي مسكين عن عبد الرحمن بن مغراء أبي زهير الدوسي قالوا : كان حممة بن رافع بن الحارث الدوسي من أجمل العرب وكانت له جمة يقال لها الرطبة كان يغسلها بالماء ثم يعقصها وقد احتقن فيها الماء ، فإذا مضى لها يومان حلها ثم يعصرها فيملأ جلساءه ، فحج على فرس له ، فنظرت إليه الجمانة الكنانية وهي خناس ، وكانت عند رجل من بني كنانة يقال له ابن الحمارس فوقع بقلبها ، فقالت له : من أنت؟ فو الله ما أدري أوجهك أحسن أم شعرك أم فرسك ، ما أنت بالنجي الثلب ، ولا التهامي الترب ، فاصدقني ، قال : أنا امرؤ من الأزد من دوس ، ومنزلي ببروق ، قالت : فأنت أحب الناس إلي ، وقد وقعت في نفسي فاحملني معك ، فأردفها خلفه ومضى إلى بلده ، فلما أوردها أرضه قال : قد علمت هربك معي كيف كان؛ والله لا تهربين بعدي إلى رجل أبدا ، فقطع عرقوبيها ، فولدت لهعمرو بن حممة ، وكان سيدا ، وولد عمرو بن حممة الطفيل بن عمرو ذا النور ، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا : وخرج زوجها ابن الحمارس في طلبها فلم يقدر عليها فرجع وهو يقول :


ألا حي الخناس على قلاها وإن شحطت وإن بعدت نواها     تبدلت الطبيخ وأرض دوس
بهجمة فارس حمر ذراها     وقد خبرتها جاعت وذلت
وأن الحر من طود شواها     وقد خبرتها نحلت ركيا
وأثوارا معرقة شواها     وقد أنبئتها ولدت غلاما
فلا شب الغلام ولا هناها

فلما أنشد عمر بن الخطاب هذا الشعر قال : قد والله شب الغلام وقد هناها
  .

قال القاضي : قولها : " ما أنت بالنجدي الثالب ولا [ ص: 544 ] التهامي الترب من التراب جميعا ، والأثلب من أسماء التراب ، يقال : بفيه الأثلب والإثلب ، وقوله : " لا هناها " من قولهم كل هنيا مريا ، وأصله الهمز ، يقال : هنأني الطعام وقد يترك همزه وتركه في الشعر كثير لتصحيح الوزن كما قال :

فارعي فزارة لا هناك المرتع

التالي السابق


الخدمات العلمية