الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أول من قال برح الخفاء  

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي قال: كان [ ص: 623 ] أول من قال: " برح الخفاء " أن رجلا من كندة يقال له صداد ابن أسماء، وأسماء أمه، وهي امرأة من بني الحارث بن كعب، وكانت تحت صداد امرأة من قومه كندية وامرأة من بني الحارث، وكان له من ابنة عمه أربعة رجال ولم يكن له من الحارثية ولد، فوقع على جارية سوداء فأحبلها، فلما تبين حملها خاف امرأته، فأنكر ذلك في العلانية وأقر به في السر، وسماه ثعلبة، وأشهد امرأته الحارثية وأخا له أن ثعلبة ابنه. فلما مات صداد أخبرت السوداء ابنها أنه من صداد، فخرج الغلام حتى أتى ملكا من ملوك اليمن، فذكر له أمره وأتاه بعمه وامرأة أبيه فشهدا، فقالت الكندية: إنما شهدا للعداوة، فبعث الملك إلى سطيح الكاهن وخبأ له دينارا بين قدمه ونعله، فلما دخل إليه قال: إني قد خبأت لك شيئا فأخبرني به، فقال سطيح: أحلف بالبلد المحرم، والحجر الأصم، والليل إذا أظلم، والنهار إذا تبسم، وبكل فصيح وأعجم، لقد خبأت دينارا بين نعل وقدم. قال: فأخبرني مع من هو. قال: أحلف بالشهر الحرام، وبالله محيي العظام، وبما خلق من النسام، إنه لتحت قدم الملك الهمام؛ قال: فأخبرني بم أرسلت إليك، قال: أرسلت إلي تسألني عن ابن السوداء، ومن أبوه من الآباء، وقد برح الخفاء، وهو أول من قاله، وأبوه صداد ابن أسماء، لا شك فيه ومراء، فألحقه الملك بأبيه وورثه. قال الملك: يا سطيح ألا تخبرني عن علمك هذا؟ قال: إن علمي ليس مني، ولا بجزم ولا تظني، ولكن أخذته من أخ لي جني، قد سمع الوحي بطور سني. قال الملك: أرأيت أخاك هذا الجني، أهو معك لا يفارقك؟ قال: إنه ليزول حيث أزول، ولا أنطق إلا بما يقول، قال له الملك: فهل عندك من خبر بما يكون تخبرنا به؟ قال: نعم، عندي خبر طريف، شهركم هذا خريف، والقمر فيه كسيف، ويأتي غدا سحاب كثيف، فيملأ البر والريف، فكان كما قال.

التالي السابق


الخدمات العلمية