الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
غار آخر ينطبق على تسعة إخوة  

حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن جعفر الختلي: قال: حدثنا عبد الله - يعني ابن عمرو البلخي - قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله الختلي، قال: حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثني أبو عمرو العمري، قال: أخبرني حسين بن حسن بن سلمة بن مزينة العاري، عن أبيه: أن امرأة من بني عامر كان لها بنون عشرة، فخرج تسعة منهم في بعض حاجتهم، فأصابتهم السماء فابتدروا كهفا فتحدرت صخرة فردمت عليهم باب الكهف، فمكثوا فيه لا يقدرون على الخروج منه حتى ماتوا عن آخرهم، فلما طال ذلك على أمهم، قالت لابنها العاشر: انطلق فاقف آثار إخوتك فما أراني إلا وقد رزئتهم، قال: يقول ابنها: كيف ذاك يا أمه؟ قالت: يا بني إني والله أجد كبدي تحترق احتراقا، كلما قلت قد سكن عاد تلهبا، فانطلق هل تحس لهم أثرا، أو تعلم لهم خبرا، قال: فخرج الفتى يقفو آثار إخوته حتى انتهى إلى ذلك الكهف فاطلع فيه فإذا إخوته موتى مجدلين، فرجع يريد أمه باكيا، فلما أتاها قالت: ما وراءك يا قيس؟ قال: خير يا [ ص: 95 ] أمه، قالت: علي ذلك يا بني، قال:


لا تأسفن على شيء فجعت به إن المنايا خلال الوعث والجدد     ربيتهم تسعة حتى إذا اتسقوا
أصبحت منهم كقرن الأعضب الفرد     وكل أم وإن سرت بما ولدت
يوما ستثكل ما ربت من الولد

قالت: فنحبت العجوز نحيبا شديدا، ثم قالت:


بني لا صبر لي فيما فجعت به     عن تسعة مثلهم غراء لم تلد
زهر جحاجحة بيض خضارمة     وفي الهزاهز والروعات كالأسد

الأعضب وما قيل فيه من اللغة والفقه  

قال القاضي: الأعضب القرن: المكسور، وقيل إنه المكسور نصفه، وقيل: ثلثه، وبين الفقهاء خلاف في جواز الأضحية بالمعضوب القرن، وفي القدر المانع من تجويز الضحية به كاختلاف أهل اللغة، ويقال لذي الزمانة والكسر من الناس: المعضوب، ومن هذا الباب قول لبيد بن ربيعة يرثي أربد أخاه:


يا أربد الخير الكرام جدوده     خليتني أمشير كقرن أعضب

التالي السابق


الخدمات العلمية