باب الحزن قال الله عز وجل: وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن
أخبرنا قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال: حدثنا أحمد بن عبيد علي بن حبيش قال: حدثنا قال: حدثنا أحمد بن عيسى، أبو وهب، قال: حدثنا عن أسامة بن زيد الليثي قال: سمعت محمد بن عمرو بن عطاء، قال: سمعت عطاء بن يسار، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: أبا سعيد الخدري " ما من شيء يصيب العبد المؤمن من وصب أو نصب أو حزن أو ألم يهمه إلا كفر الله تعالى عنه من سيئاته"
والحزن من أوصاف أهل السلوك. الحزن: حال يقبض القلب عن التفرق في أودية الغفلة
سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول صاحب الحزن يقطع من طريق الله تعالى في شهر مالا يقطعه من فقد حزنه سنين وفي الخبر إن الله تعالى يحب كل قلب حزين وفي التوراة: إذا أحب الله عبدا جعل في قلبه نائحة وإذا أبغض عبدا جعل في قلبه مزمارا وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متواصل الأحزان دائم الفكرة.
وقال الحزن ملك فإذا سكن في موضع لم يرض أن يساكنه أحد وقيل: القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب كما أن الدار إذا لم يكن فيها ساكن تخرب [ ص: 268 ] وقال بشر بن الحارث أبو سعيد القرشي قال الله تعالى: بكاء الحزن يعمي وبكاء الشوق يغشى البصر ولا يعمي وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم . وقال ابن خفيف الحزن حصر النفس عن النهوض في الطرب. وسمعت رابعة العدوية رجلا يقول واحزناه فقالت قل واقلة حزناه لو كنت محزونا لم يتهيأ لك أن تتنفس. وقال لو أن محزونا بكى في أمة لرحم الله تعالى تلك الأمة ببكائه. وكان سفيان بن عيينة الغالب عليه الحزن وكان يقول بالليل إلهي همك عطل علي الهموم وحال بيني وبين الرقاد وكان يقول كيف يتسلى من الحزن من تتجدد عليه المصائب في كل وقت وقيل: الحزن يمنع من الطعام والخوف يمنع من الذنوب. داود الطائي
وسئل بعضهم بم يستدل على حزن الرجل فقال: بكثرة أنينه.
وقال وددت أن حزن كل الناس ألقي علي. سري السقطي
وتكلم الناس في الحزن فكلهم قالوا: إنما يحمد حزن الآخرة وأما حزن الدنيا فغير محمود إلا فإنه قال: الحزن بكل وجه فضيلة وزيادة للمؤمن ما لم يكن بسبب معصية لأنه إن لم يوجب تخصيصا فإنه يوجب تمحيصا. أبا عثمان الحيري
وعن بعض المشايخ أنه كان إذا سافر واحد من أصحابه يقول له إن رأيت محزونا فأقرئه مني السلام.
سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول كان بعضهم يقول للشمس عند غروبها هل طلعت اليوم على محزون.
وكان لا يراه أحد إلا ظن أنه حديث عهد بمصيبة [ ص: 269 ] وقال الحسن البصري لما مات وكيع الفضل: ذهب الحزن اليوم من الأرض وقال بعض السلف: أكثر ما يجده المؤمن في صحيفته من الحسنات الهم والحزن.
سمعت أبا عبد الله الشيرازي يقول: سمعت علي بن بكران يقول: سمعت محمد بن علي المروزي يقول: سمعت أحمد بن أبي روح يقول: سمعت أبي يقول: سمعت يقول: كان السلف يقولون: إن على كل شيء زكاة وزكاة العقل طول الحزن. الفضيل بن عياض،
سمعت يقول: سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي، محمد بن أحمد الفراء يقول: سمعت أبا الحسين الوراق يقول سألت يوما عن الحزن، فقال: الحزين لا يتفرغ إلى سؤال الحزن فاجتهد في طلب الحزن ثم سل. أبا عثمان الحيري
[ ص: 270 ]