قال الله تعالى: والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون
حدثنا الأستاذ الإمام أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمود بن خرزاذ الأهوازي بها، قال: حدثنا أحمد بن سهل بن أيوب، قال: حدثنا قال: حدثنا خالد يعني: ابن يزيد، سفيان الثوري، وشريك بن عبد الله عن وسفيان بن عيينة، سليمان، عن خيثمة، عن عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: عبد الله بن مسعود، "لا ترضين أحدا بسخط الله تعالى، ولا تحمدن أحدا على فضل الله عز وجل، ولا تذمن أحدا على ما لم يؤتك الله تعالى، فإن رزق الله تعالى لا يسوقه إليك حرص حريص ولا يرده عنك كراهة كاره، وإن الله تعالى بعدله وقسطه جعل الروح والفرح في الرضا، واليقين وجعل الهم والحزن في الشك والسخط".
أخبرنا قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي، قال: حدثنا عياش بن حمزة، قال: حدثنا قال: قال أحمد بن أبي الحواري، أبو عبد الله الأنطاكي: إن إذا وصل إلى القلب يملأ القلب نورا وينفي عنه كل ريب ويمتلئ القلب به شكرا ومن الله تعالى خوفا. أقل اليقين
ويحكى عن أبي جعفر الحداد قال: رآني أبو تراب النخشبي وأنا في البادية جالس على بركة ماء ولي ستة عشر يوما لم آكل ولم أشرب فقال لي: ما جلوسك؟ فقلت: أنا بين العلم واليقين أنتظر ما يغلب فأكون معه يعني: إن غلب العلم شربت وإن غلب اليقين مررت فقال: سيكون لك شأن. وقال اليقين قلة الاهتمام لغد [ ص: 318 ] وقال أبو عثمان الحيري: اليقين من زيادة الإيمان ومن تحقيقه. وقال سهل بن عبد الله: سهل أيضا: اليقين شعبة من الإيمان وهو دون التصديق.
وقال بعضهم: اليقين هو العلم المستودع في القلوب يشير هذا القائل إلى أنه غير مكتسب.
وقال سهل: ولذلك قال بعض السلف: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ثم المعاينة والمشاهدة. وقال ابتداء اليقين المكاشفة أبو عبد الله بن خفيف: اليقين تحقق الأسرار بأحكام المغيبات.
وقال أبو بكر بن طاهر: العلم: بمعارضة الشكوك، واليقين لا شك فيه أشار إلى العلم الكسبي وما يجري مجرى البديهي وكذلك علوم القوم في الابتداء كسبي وفي الانتهاء بديهي.
سمعت يقول: قال بعضهم: أول المقامات المعرفة ثم اليقين ثم التصديق ثم الإخلاص ثم الشهادة ثم الطاعة والإيمان اسم يجمع هذا كله أشار هذا القائل إلى أن محمد بن الحسين هو المعرفة بالله سبحانه وتعالى والمعرفة لا تحصل إلا بتقديم شرائطها وهو النظر الصائب، ثم إذا توالت الأدلة وحصل البيان صار بتوالي الأنوار وحصول الاستبصار كالمستغني عن تأمل البرهان وهو حال اليقين ثم تصديق الحق سبحانه فيما أخبر عند إصغائه إلى إجابة الداعي فيما يخبر من أفعاله سبحانه في المستأنف، لأن التصديق إنما يكون في الإخبار ثم الإخلاص فيما يتعقبه من أداء الأوامر ثم بعد ذلك إظهار الإجابة بجميل الشهادة ثم أداء الطاعات بالتوحيد فيما أمر به والتجرد عما زجر عنه، وإلى هذا المعنى أشار الإمام أول الواجبات فيما سمعته يقول: ذكر اللسان فضيلة يفيض بها القلب. أبو بكر بن فورك
وقال حرام على قلب أن يشم رائحة اليقين وفيه سكون إلى غير الله تعالى. سهل بن عبد الله:
وقال اليقين داع إلى قصر الأمل، وقصر الأمل يدعو إلى الزهد، والزهد يورث الحكمة، والحكمة تورث النظر في العواقب. [ ص: 319 ] ذو النون المصري:
سمعت يقول: سمعت محمد بن الحسين أبا العباس البغدادي يقول: سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول: سمعت سعيد بن عثمان يقول: سمعت يقول: ذا النون المصري قلة مخالطة الناس في العشرة، وترك المدح لهم في العطية، والتنزه عن ذمهم عند المنع. ثلاثة من أعلام اليقين:
وثلاثة من أعلام يقين اليقين: النظر إلى الله تعالى في كل شيء، والرجوع إليه في كل أمره، والاستعانة به في كل حال.
وقال اليقين هو استقرار العلم الذي لا ينقلب ولا يحول ولا يتغير في القلب. الجنيد:
وقال على قدر قربهم من التقوى أدركوا ما أدركوا من اليقين. ابن عطاء:
مباينة النهي، ومباينة النهي مباينة النفس، فعلى قدر مفارقتهم النفس وصلوا إلى اليقين، وقال بعضهم: اليقين هو المكاشفة، وأصل التقوى مكاشفة بالإخبار ومكاشفة بإظهار القدرة، ومكاشفة القلوب بحقائق الإيمان. والمكاشفة على ثلاثة أوجه:
واعلم أن المكاشفة في كلامهم عبارة عن ظهور الشيء للقلب باستيلاء ذكره من غير بقاء للريب، وربما أرادوا بالمكاشفة ما يقرب مما يراه الرائي بين اليقظة والنوم ، وكثيرا ما يعبر هؤلاء عن هذه الحالة بالثبات. سمعت الإمام أبا بكر بن فورك يقول سألت فقلت ما هذا الذي تقول؟ قال الأشخاص أراهم كذا وكذا، فقلت تراهم معاينة أو مكاشفة؟ قال: مكاشفة. وقال أبا عثمان المغربي، عامر بن عبد قيس: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا. وقيل: اليقين رؤية العيان بقوة الإيمان، وقيل: اليقين زوال المعارضات.
وقال اليقين ارتفاع الريب في مشهد الغيب. الجنيد:
سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم في عيسى بن مريم عليه السلام لو ازداد يقينا لمشى في الهواء قال رحمه الله تعالى: إنه أشار بهذا إلى حال نفسه صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، لأن في لطائف المعراج أنه قال: رأيت البراق قد بقي ومشيت. [ ص: 320 ]
سمعت يقول: سمعت محمد بن الحسين أحمد بن علي بن جعفر يقول: سمعت إبراهيم بن فاتك يقول: سمعت يقول: سمعت الجنيد يقول وقد سئل عن اليقين فقال: اليقين سكونك عند جولان الموارد في صدرك لتيقنك أن حركتك فيها لا تنفعك ولا ترد عنك مقضيا. وسمعته يقول: سمعت السري عبد الله بن علي يقول: سمعت أبا جعفر الأصبهاني يقول: سمعت يقول الحضور أفضل من اليقين، لأن الحضور وطنات واليقين خطرات كأنه جعل اليقين ابتداء الحضور والحضور دوام المشاهدة يعني أن في المشاهدة يقينا لا شك فيه لأنه لا يشاهده من لا يثق بما منه. وقال علي بن سهل أبو بكر الوراق اليقين ملاك القلب وبه كمال الإيمان وباليقين عرف الله تعالى وبالعقل عقل عن الله تعالى. وقال قد مشى رجال باليقين على الماء ومات بالعطش أفضل منهم يقينا. الجنيد:
سمعت الشيخ يقول: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي الحسين بن يحيى يقول: سمعت جعفرا يقول: قال إبراهيم الخواص: لقيت غلاما في التيه كأنه سبيكة فضة فقلت: إلى أين يا غلام فقال: إلى مكة حرسها الله تعالى فقلت: بلا زاد ولا راحلة ولا نفقة؟ فقال لي: يا ضعيف اليقين الذي يقدر على حفظ السموات والأرضين لا يقدر على أن يوصلني إلى مكة بلا علاقة قال فلما دخلت مكة حرسها الله تعالى إذ أنا به في الطواف وهو يقول:
يا عين سحي أبدا يا نفس موتي كمدا ولا تحبي أحدا
إلا الجليل الصمدا
فلما رآني قال لي: يا شيخ أنت بعد على ذلك الضعف من اليقين.
سمعته يقول: سمعت يقول: سمعت منصور بن عبد الله يقول: إذا استكمل [ ص: 321 ] العبد حقائق اليقين صار البلاء عنده نعمة والرخاء مصيبة. النهرجوري
وقال أبو بكر الوراق: يقين خبر ويقين دلالة ويقين مشاهدة. وقال اليقين على ثلاثة أوجه: أبو تراب: رأيت غلاما في البادية يمشي بلا زاد فقلت: إن لم يكن معه يقين فقد هلك فقلت: يا غلام في مثل هذا الموضع بلا زاد فقال: يا شيخ ارفع رأسك هل ترى غير الله عز وجل فقلت: الآن اذهب حيث شئت.
سمعت يقول: سمعت محمد بن الحسين أبا نصر الأصبهاني يقول: سمعت محمد بن عيسى يقول: قال العلم ما استعملك واليقين ما حملك. أبو سعيد الخراز
وسمعته يقول: سمعت يقول: سمعت أبا بكر الرازي أبا عثمان الأدمي يقول: سمعت إبراهيم الخواص يقول طلبت المعاش لأكل الحلال فاصطدت السمك فيوما وقعت في الشبكة سمكة فأخرجتها وطرحت الشبكة في الماء فوقعت أخرى فيها فرميت بها ثم عدت فهتف بي هاتف لم تجد معاشا إلا أن تأتي من يذكرنا فتقتلهم قال فكسرت القصبة وتركت الاصطياد. [ ص: 322 ]