كذلك سمعت الأستاذ أبا علي يقول: فتجب البداءة بتصحيح اعتقاد بينه وبين الله -تعالى- صاف عن الظنون والشبه، خال من الضلال والبدع، صادر عن البراهين والحجج.
ويقبح بالمريد أن ينتسب إلى مذهب من مذاهب من ليس من هذه الطريقة، وليس انتساب الصوفي إلى مذهب من مذاهب المختلفين سوى طريقة الصوفية إلا نتيجة جهلهم بمذاهب أهل هذه الطريقة، فإن هؤلاء حججهم في مسائلهم أظهر من حجج كل أحد، وقواعد مذاهبهم أقوى من قواعد كل مذهب، والناس إما أصحاب النقل والأثر، وإما أرباب العقل والفكر.
وشيوخ هذه الطائفة ارتقوا عن هذه الجملة، فالذي للناس غيب فهو لهم ظهور، والذي للخلق من المعارف مقصود فلهم من الحق -سبحانه- موجود؛ فهم من أهل الوصول، والناس أهل الاستدلال، وهم كما قال القائل:
ليلي بوجهك مشرق وظلامه من الناس ساري فالناس في سدف الظلام
ونحن في ضوء النهار
[ ص: 572 ] ولم يكن عصر من الأعصار في مدة الإسلام إلا وفيه شيخ من شيوخ هذه الطائفة، ممن له علوم التوحيد، وإمامة القوم إلا وأئمة ذلك الوقت من العلماء استسلموا لذلك الشيخ، وتواضعوا له، وتبركوا به، ولولا مزية وخصوصية لهم، وإلا كان الأمر بالعكس.
هذا كان عند أحمد بن حنبل -رضي الله عنهما- فجاء الشافعي شيبان الراعي فقال أحمد : أريد يا أبا عبد الله أن أنبه هذا على نقصان علمه؛ ليشتغل بتحصيل بعض العلوم، فقال : لا تفعل فلم يقنع، فقال لشيبان: ما تقول فيمن نسي صلاة من خمس صلوات في اليوم والليلة، ولا يدري أي صلاة نسيها، ما الواجب عليه يا شيبان؟ فقال شيبان: يا الشافعي أحمد هذا قلب غفل عن الله -تعالى-، فالواجب أن يؤدب حتى لا يغفل عن مولاه بعد، فغشي على أحمد ، فلما أفاق قال له -رحمه الله-: ألم أقل لك لا تحرك هذا! الشافعي
وشيبان الراعي كان أميا منهم، فإذا كان الأمي منهم هكذا، فما الظن بأئمتهم؟.
وقد حكي أن فقيها من أكابر الفقهاء كانت حلقته بجنب حلقة في جامع المنصور، وكان يقال لذلك الفقيه الشبلي أبو عمران ، وكان تتعطل عليهم حلقتهم لكلام ، فسأل أصحاب الشبلي يوما أبي عمران عن مسألة في الحيض، وقصدوا إخجاله، فذكر مقالات الناس في تلك المسألة والخلاف فيها، فقام الشبلي أبو عمران وقبل رأس ، وقال: يا الشبلي أبا بكر استفدت في هذه المسألة عشر مقالات لم أسمعها، وكان عندي من جملة ما قلت ثلاثة أقاويل.
وقيل: اجتاز أبو العباس بن سريج الفقيه بمجلس -رحمهما الله تعالى- فسمع كلامه، فقيل له: ما تقول في هذا الكلام؟ فقال: لا أدري ما يقول، ولكني أرى لهذا الكلام صولة ليست بصولة مبطل. الجنيد
وقيل لعبد الله بن سعيد بن كلاب : أنت تتكلم على كلام كل أحد، وهاهنا رجل يقال له فانظر هل تعترض عليه أم لا، فحضر حلقته [ ص: 573 ] فسأل الجنيد عن التوحيد، فأجابه، فتحير عبد الله، وقال: أعد علي ما قلت، فأعاد لا بتلك العبارة؛ فقال عبد الله: هذا شيء آخر لم أحفظه، تعيده علي مرة أخرى، فأعاد بعبارة أخرى، فقال الجنيد عبد الله : ليس يمكنني حفظ ما تقول؛ أمله علينا، فقال: إن كنت أجزته فأنا أمليه، فقام عبد الله وقال بفضله، واعترف بعلو شأنه.
فإذا كان أصول هذه الطائفة أصح الأصول، ومشايخهم أكبر الناس، وعلماؤهم أعلم الناس؛ فالمريد الذي له إيمان بهم إن كان من أهل السلوك والتدرج إلى مقاصدهم فهو يساهمهم فيما خصوا به من مكاشفات الغيب، فلا يحتاج إلى التطفل على من هو خارج عن هذه الطائفة، وإن كان يريد طريقة الاتباع وليس بمستقل بحاله، ويريد أن يعرج في أوطان التقليد إلى أن يصل إلى التحقيق؛ فليقلد سلفه، وليجر على طريقة هذه الطبقة؛ فإنهم أولى به من غيرهم.
ولقد سمعت الشيخ يقول: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت أبا بكر الرازي يقول: ما ظنك بعلم علم العلماء فيه تهمة. الشبلي
وسمعته يقول: سمعت محمد بن أبي علي بن محمد المخرمي يقول: سمعت محمد بن عبد الله الفرغاني يقول: سمعت يقول: لو علمت أن لله علما تحت أديم السماء أشرف من هذا العلم الذي نتكلم فيه مع أصحابنا وإخواننا لسعيت إليه ولقصدته. الجنيد
وإذا أحكم المريد بينه وبين الله -تعالى- عقده، فيجب أن يحصل من علم الشريعة إما بالتحقيق، وإما بالسؤال عن الأئمة ما يؤدي به فرضه، وإن اختلف عليه فتاوى الفقهاء يأخذ بالأحوط، ويقصد أبدا الخروج من الخلاف؛ فإن الرخص في الشريعة للمستضعفين وأصحاب الحوائج والأشغال.
وهؤلاء الطائفة ليس لهم شغل سوى القيام بحقه -سبحانه- ولهذا قيل: إذا انحط الفقير عن درجة الحقيقة إلى رخصة الشريعة، فقد فسخ عقده مع الله -تعالى-، ونقض عهده فيما بينه وبين الله -تعالى-.
ثم يجب على المريد أن يتأدب بشيخ، فإن لم يكن له أستاذ لا يفلح أبدا.
[ ص: 574 ]
هذا أبو يزيد يقول: من لم يكن له أستاذ؛ فإمامه الشيطان.
وسمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول: الشجرة إذا نبتت بنفسها من غير غارس فإنها تورق لكن لا تثمر، كذلك المريد إذا لم يكن له أستاذ يأخذ منه طريقته نفسا نفسا فهو عابد هواه، لا يجد نفاذا.
ثم إذا أراد السلوك فبعد هذه الجملة يجب أن يتوب إلى الله -سبحانه- من كل زلة؛ فيدع جميع الزلات سرها وجهرها، وصغيرها وكبيرها، ويجتهد في إرضاء الخصوم أولا، ومن لم يرض خصومه لا يفتح له من هذه الطريقة بشيء.
وعلى هذا النحو جروا، ثم بعد هذا يعمل في حذف العلائق والشواغل؛ فإن بناء هذا الطريق على فراغ القلب.
وكان يقول الشبلي للحصري في ابتداء أمره: إن خطر ببالك من الجمعة إلى الجمعة الثانية التي تأتيني فيها غير الله -تعالى- فحرام عليك أن تحضرني.
وإذا أراد الخروج عن العلائق فأولها الخروج عن المال؛ فإن ذلك الذي يميل به عن الحق، ولم يوجد مريد دخل في هذا الأمر، ومعه علاقة من الدنيا إلا جرته تلك العلاقة عن قريب إلى ما منه خرج، فإذا خرج عن المال؛ فالواجب عليه الخروج عن الجاه، فإن ملاحظة حب الجاه مقطعة عظيمة.
وما لم يستو عند المريد قبول الخلق وردهم لا يجيء منه شيء، بل أضر الأشياء له ملاحظة الناس إياه بعين الإثبات والتبرك به لإفلاس الناس عن هذا الحديث، وهو بعد لم يصحح الإرادة، فكيف يصح أن يتبرك به؟.
فخروجهم من الجاه واجب عليهم، لأن ذلك سم قاتل لهم، فإذا خرج عن ماله وجاهه فيجب أن يصحح عقيدته بينه وبين الله -تعالى-، وأن لا يخالف شيخه في كل ما يشير عليه، لأن الخلاف للمريد في ابتداء أمره عظيم الضرر، لأن ابتداء حاله دليل على جميع عمره، ومن شرطه أن لا يكون له بقلبه اعتراض على شيخه، فإذا خطر ببال المريد أن له في الدنيا والآخرة قدرا أو قيمة، أو على بسيط الأرض أحد دونه لم يصح له في الإرادة قدم؛ لأنه يجب أن يجتهد ليعرف ربه، لا ليحصل لنفسه قدرا.
وفرق بين من يريد الله -تعالى- وبين من يريد جاه نفسه إما في عاجله وإما في آجله، ثم [ ص: 575 ] يجب عليه حفظ سره حتى عن زره إلا عن شيخه، ولو كتم نفسا من أنفاسه عن شيخه فقد خانه في حق صحبته، ولو وقع له مخالفة فيما أشار عليه شيخه فيجب أن يقر بذلك بين يديه في الوقت، ثم يستسلم لما يحكم به عليه شيخه؛ عقوبة له على جنايته ومخالفته، إما بسفر يكلفه، أو أمر ما يراه.
ولا يصح للشيوخ التجاوز عن زلات المريدين؛ لأن ذلك تضييع لحقوق الله -تعالى-، وما لم يتجرد عن كل علاقة لا يجوز لشيخه أن يلقنه شيئا من الأذكار، بل يجب أن يقدم التجربة له، فإذا شهد قلبه للمريد بصحة العزم، فحينئذ يشترط عليه أن يرضى بما يستقبله في هذه الطريقة من فنون تصاريف القضاء، فيأخذ عليه العهد بأن لا ينصرف عن هذه الطريقة بما يستقبله من الضر والذل والفقر والأسقام والآلام، وأن لا يجنح بقلبه إلى السهولة، ولا يترخص عند هجوم الفاقات وحصول الضرورات، ولا يؤثر الدعة، ولا يستشعر الكسل؛ فإن وقفة المريد شر من فترته.
والفرق بين الفترة والوقفة أن الفترة رجوع عن الإرادة وخروج منها، فإذا جربه شيخه فيجب عليه أن يلقنه ذكرا من الأذكار على ما يراه شيخه، فيأمره أن يذكر ذلك الاسم بلسانه، ثم يأمره أن يستوي قلبه مع لسانه، ثم يقول له: اثبت على استدامة هذا الذكر كأنك مع ربك أبدا بقلبك، ولا يجري على لسانك غير هذا الاسم ما أمكنك، ثم يأمره أن يكون أبدا في الظاهر على الطهارة، وأن لا يكون نومه إلا غلبة، وأن يقلل من غذائه على التدريج شيئا بعد شيء، حتى يقوى على ذلك، ولا يأمره أن يترك عادته بمرة؛ فإن في الخبر: إن المنبت لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى.
ثم يأمره بإيثار الخلوة والعزلة، ويجعل اجتهاده في هذه الحالة لا محالة في نفي الخواطر الدنية والهواجس الشاغلة للقلب.
واعلم أن في هذه الحالة قلما يخلو المريد في أوان خلوته في ابتداء إرادته من الوساوس في الاعتقاد لا سيما إذا كان في المريد كياسة قلب، وقل مريد لا تستقبله هذه الحالة في ابتداء إرادته.
[ ص: 576 ] وهذا من الامتحانات التي تستقبل المريدين، فالواجب على شيخه إن رأى فيه كياسة أن يحيله على الحجج العقلية؛ فإن بالعلم يتخلص لا محالة المتعرف مما يعتريه من الوساوس.
وإن تفرس شيخه فيه القوة والثبات في الطريقة أمره بالصبر، واستدامة الذكر؛ حتى تسطع في قلبه أنوار القبول، وتطلع في سره شموس الوصول، وعن قريب يكون ذلك، ولكن لا يكون هذا إلا لأفراد المريدين، فأما الغالب فأن تكون معالجتهم بالرد إلى النظر، وتأمل الآيات، بشرط تحصيل علم الأصول على قدر الحاجة الداعية للمريد.
واعلم أنه يكون للمريدين على الخصوص بلايا من هذا الباب؛ وذلك أنهم إذا خلوا في مواضع ذكرهم، أو كانوا في مجالس سماع أو غير ذلك يهجس في نفوسهم، ويخطر ببالهم أشياء منكرة يتحققون أن الله -سبحانه- منزه عن ذلك، وليس تعتريهم شبهة في أن ذلك باطل، ولكن يدوم ذلك فيشتد تأذيهم به حتى يبلغ ذلك حدا يكون أصعب شتم، وأقبح قول، وأشنع خاطر بحيث لا يمكن للمريد إجراء ذلك على اللسان، وإبداؤه لأحد، وهذا أشد شيء يقع لهم.
فالواجب عند هذا ترك مبالاتهم بتلك الخواطر، واستدامة الذكر، والابتهال إلى الله -عز وجل- باستدفاع ذلك.
وتلك الخواطر ليست من وساوس الشيطان، وإنما هي من هواجس النفس، فإذا قابلها العبد بترك المبالاة بها ينقطع ذلك عنه.
ومن آداب المريد بل من فرائض حاله أن يلازم موضع إرادته، وأن لا يسافر قبل أن تقبله الطريق، وقبل الوصول بالقلب إلى الرب، فإن السفر للمريد في غير وقته سم قاتل، ولا يصل أحد منهم إلى ما كان يرجى له إذا سافر في غير وقته.
وإذا أراد الله بمريد خيرا ثبته في أول إرادته، وإذا أراد الله بمريد شرا رده إلى ما خرج عنه من حرفته أو حالته، وإذا أراد الله بمريد محنة شرده في مطارح غربته.
هذا إذا كان المريد يصلح للوصول، فأما إذا كان شابا طريقته الخدمة في الظاهر بالنفس للفقراء، وهو دونهم في هذه الطريقة رتبة، فهو وأمثاله يكتفون بالترسم في الظاهر؛ فينقطعون في الأسفار، وغاية نصيبهم من هذه الطريقة حجات يحصلونها، وزيارات لموضع يرتحل إليه، [ ص: 577 ] ولقاء شيوخ بظاهر سلام، فيشاهدون الظواهر، ويكتفون بما في هذا الباب من السير، فهؤلاء الواجب لهم دوام السفر حتى لا تؤديهم الدعة إلى ارتكاب محظور؛ فإن الشاب إذا وجد الراحة والدعة كان في معرض الفتنة.
وإذا توسط المريد جمع الفقراء والأصحاب في بدايته فهو مضر له جدا، وإن امتحن واحد بذلك فليكن سبيله احترام الشيوخ، والخدمة للأصحاب، وترك الخلاف عليهم، والقيام بما فيه راحة الفقير، والجهد أن لا يستوحش منه قلب شيخ.
ويجب أن يكون في صحبته مع الفقراء أبدا خصمهم على نفسه، ولا يكون خصم نفسه عليهم، ويرى لكل واحد منهم عليه حقا واجبا، ولا يرى لنفسه واجبا على أحد.
ويجب أن لا يخالف المريد أحدا، وإن علم أن الحق معه يسكت ويظهر الوفاق لكل أحد.
وكل مريد يكون فيه ضحك ولجاج ومماراة فإنه لا يجيء منه شيء.
وإذا كان المريد في جمع من الفقراء، إما في سفر، أو حضر، فينبغي أن لا يخالفهم في الظاهر في أكل، ولا صوم، ولا سكون، ولا حركة، بل يخالفهم بسره وقلبه، فيحفظ قلبه مع الله -عز وجل-، وإذا أشار عليه بالأكل مثلا يأكل لقمة أو لقمتين ولا يعطي النفس شهوتها.
وليس من آداب المريدين كثرة الأوراد بالظاهر؛ فإن القوم في مكابدة إخلاء خواطرهم، ومعالجة أخلاقهم، ونفي الغفلة عن قلوبهم، لا في تكثير أعمال البر، والذي لا بد لهم منه إقامة الفرائض والسنن الراتبة، فأما الزيادات من الصلوات النافلة فاستدامة الذكر بالقلب أتم لهم.
ورأس مال المريد الاحتمال عن كل أحد بطيبة النفس، وتلقي ما يستقبله بالرضا والصبر على الضر والفقر، وترك السؤال والمعارضة في القليل والكثير فيما هو حظ له، ومن لم يصبر على ذلك فليدخل السوق، فإن من اشتهى ما يشتهيه الناس فالواجب أن يحصل شهوته من حيث يحصلها الناس من كد اليمين، وعرق الجبين.
وإذا التزم المريد استدامة الذكر، وآثر الخلوة، فإن وجد في خلوته ما لم يجده قبله إما في النوم [ ص: 578 ] وإما في اليقظة، أو بين اليقظة والنوم من خطاب يسمع، أو معنى يشاهد مما يكون نقضا للعادة فينبغي أن لا يشتغل بذلك البتة، ولا يسكن إليه، ولا ينبغي أن ينتظر حصول أمثال ذلك؛ فإن ذلك كله شواغل عن الحق -سبحانه-.
ولا بد له في هذه الأحوال من وصف ذلك لشيخه؛ حتى يصير قلبه فارغا عن ذلك، ويجب على شيخه أن يحفظ عليه سره؛ فيكتم عن غيره أمره، ويصغر ذلك في عينه، فإن ذلك كله اختبارات، والمساكنة إليها مكر؛ فليحذر المريد عن ذلك، وعن ملاحظتها، وليجعل همته فوق ذلك.
واعلم أن أضر الأشياء بالمريد استئناسه بما يلقى إليه في سره من تقريبات الحق -سبحانه- له ومنته عليه بأني خصصتك بهذا، وأفردتك عن أشكالك، فإنه لو قال بترك هذا فعن قريب سيختطف عن ذلك مما يبدو له من مكاشفات الحقيقة. وشرح هذه الجملة بإثباته في الكتب متعذر.
ومن أحكام المريد إذا لم يجد من يتأدب به في موضعه أن يهاجر إلى من هو منصوب في وقته لإرشاد المريدين، ثم يقيم عليه ولا يبرح عن سدته إلى وقت الإذن.
واعلم أن تقديم معرفة رب البيت على زيارة البيت واجب، فلولا معرفة رب البيت ما وجبت زيارة البيت، والشباب الذين يخرجون إلى الحج من هؤلاء القوم من غير إشارة الشيوخ فهي بدلالات نشاط النفوس، فهم متوسمون بهذه الطريقة، وليس سفرهم على أصل.
والذي يدل على ذلك: أنه لا يزداد سفرهم إلا وتزداد تفرقة قلوبهم، فلو أنهم ارتحلوا من عند أنفسهم بخطوة لكان أحظى لهم من ألف سفرة.
[ ص: 579 ] ومن شرط المريد إذا أراد شيخا أن يدخل عليه بالحرمة، وينظر إليه بالحشمة؛ فإن أهله الشيخ لشيء من الخدمة عد ذلك من جزيل النعمة.