فصل
ومن ابتلاه الله -تعالى- بشيء من ذلك فبإجماع الشيوخ ذلك عبد أهانه الله -عز وجل- وخذله، بل عن نفسه شغله، ولو بألف ألف كرامة أهله، وهب أنه بلغ رتبة الشهداء لما في الخبر تلويح بذلك أليس قد شغل ذلك القلب بمخلوق. ومن أصعب الآفات في هذه الطريقة صحبة الأحداث،
وأصعب من ذلك: تهوين ذلك على القلب حتى يعود ذلك يسيرا، وقد قال الله تعالى: وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم .
وهذا الواسطي -رحمه الله- يقول: إذا أراد الله هوان عبد ألقاه إلى هؤلاء الأنتان والجيف.
سمعت أبا عبد الله الصوفي يقول: سمعت محمد بن أحمد النجار يقول: سمعت أبا عبد الله الحصري يقول: سمعت فتحا الموصلي يقول: صحبت ثلاثين شيخا كانوا يعدون من الأبدال كلهم أوصوني عند فراقي إياهم وقالوا: اتق معاشرة الأحداث ومخالطتهم.
ومن ارتقى في هذا الباب عن حالة الفسق، وأشار إلى أن ذلك من بلاء الأرواح، وأنه لا يضر، وما قالوه من وساوس القائلين بالشاهد، وإيراد حكايات عن بعض الشيوخ، لما كان الأولى بهم إسبال الستر على هناتهم وآفاتهم، فذلك نظير الشرك وقرين الكفر.
فليحذر المريد من مجالسة الأحداث ومخالطتهم؛ فإن اليسير منه فتح باب الخذلان، وبدء حال الهجران، ونعوذ بالله من قضاء السوء.