الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومنهم أبو الفيض ذو النون المصري واسمه ثوبان بن إبراهيم ،  وقيل: الفيض بن إبراهيم وأبوه كان نوبيا توفي سنة خمس وأربعين ومائتين ، فائق في هذا الشأن ، وأوحد وقته علما وورعا وحالا وأدبا، سعوا به إلى المتوكل فاستحضره من مصر فلما دخل عليه وعظه فبكى المتوكل ورده إلى مصر مكرما، وكان المتوكل إذا ذكر بين يديه أهل الورع يبكي ويقول: إذا ذكر أهل الورع فحيهلا بذي النون، وكان رجلا نحيفا تعلوه حمرة ، ليس بأبيض اللحية.

سمعت أحمد بن محمود ، يقول: سمعت سعيد بن عثمان ، يقول: سمعت ذا النون ، يقول: مدار الكلام على أربع: حب الجليل، وبغض القليل، واتباع التنزيل، وخوف التحويل.

سمعت محمد بن الحسين رحمه الله ، يقول: سمعت سعيد بن أحمد بن جعفر ، يقول: سمعت محمد بن أحمد بن محمد بن سهل ، يقول: سمعت سعيد بن عثمان ، يقول: سمعت ذا النون المصري ، يقول: من علامات المحب لله عز وجل متابعة حبيب الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وأفعاله وأوامره وسننه.   [ ص: 39 ]

وسئل ذو النون عن السفلة ، فقال: من لا يعرف الطريق إلى الله ولا يتعرفه.

سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي رحمه الله يقول: سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان ، يقول: سمعت يوسف بن الحسين ، يقول: حضرت مجلس ذي النون يوما وجاءه سالم المغربي ، فقال له: يا أبا الفيض ، ما كان سبب توبتك؟ قال: عجب لا تطيقه ، قال: بمعبودك إلا أخبرتني، فقال ذو النون: أردت الخروج من مصر إلى بعض القرى فنمت في الطريق في بعض الصحاري، ففتحت عيني فإذا أنا بقنبرة عمياء سقطت من وكرها على الأرض فانشقت الأرض فخرج منها سكرجتان ، إحداهما ذهب ، والأخرى فضة ، وفي إحداهما سمسم ، وفي الأخرى ماء ، فجعلت تأكل من هذا وتشرب من هذا ، فقلت: حسبي قد تبت ولزمت الباب إلى أن قبلني الله عز وجل .

سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: سمعت ابن رشيق يقول: سمعت أبا دجانة يقول: سمعت ذا النون يقول: لا تسكن الحكمة معدة ملئت طعاما.

وسئل ذو النون عن التوبة فقال: توبة العوام تكون من الذنوب، وتوبة الخواص تكون من الغفلة.   [ ص: 40 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية