فصل
وأخبارها في موضع واحد بل اتفق الصحابة والتابعون على إقرارها وإمرارها مع فهم معانيها وإثبات حقائقها ، وهذا يدل على أنها أعظم النوعين بيانا وأن العناية ببيانها أهم لأنها من تمام تحقيق الشهادتين ، وإثباتها من لوازم التوحيد ، فبينها الله سبحانه وتعالى ورسوله بيانا شافيا لا يقع فيه لبس يوقع الراسخين في العلم . تنازع الناس في كثير من الأحكام ولم يتنازعوا في آيات الصفات
وآيات الأحكام لا يكاد يفهم معانيها إلا الخاصة من الناس ، وأما آيات الصفات فيشترك في فهم معناها الخاص والعام ، أعني فهم أصل المعنى لا فهم الكنه والكيفية ، ولهذا أشكل على بعض الصحابة قوله تعالى : ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) حتى يبين لهم بقوله : ( من الفجر ) ولم يشكل عليه ولا على غيره قوله : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) وغيرها من آيات الصفات ، وأيضا فإن آيات الأحكام مجملة عرف بيانها بالسنة كقوله تعالى : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) فهذا مجمل في قدر الصيام والإطعام ، فبينته السنة بأنه صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة ، ونظائره كثيرة كآية السرقة وآية الصلاة والزكاة والحج ، وليس في آيات الصفات وأحاديثها مجمل يحتاج إلى بيان من خارج بل بيانها فيها وإن جاءت السنة بزيادة في البيان والتفصيل .