المذهب السادس : الكرامية ، وهو أنه متعلق بالمشيئة والقدرة قائم بذات الرب تعالى ، وهو حروف وأصوات مسموعة ، وهو حادث بعد أن لم يكن ، فهو عندهم متكلم بقدرته ومشيئته بعد أن لم يكن متكلما ، كما يقوله سائر فرق المتكلمين أنه فعل بقدرته ومشيئته بعد أن لم يكن فاعلا ، كما ألزموا به مذهب الكرامية في مسألة الكلام ، فهو لازم لهم في مسألة الفعل ، والكرامية أقرب إلى الصواب منهم ، فإنهم أثبتوا كلاما وفعلا حقيقة قائمين بذات المتكلم الفاعل ، وجعلوا لهما أولا ، فرارا من القول بحوادث لا أول لها ، ومنازعون أبطلوا حقيقة الكلام والفعل ، وقالوا لم يقم به فعل ولا كلام البتة ، وأما من أثبت منهم معنى قائما بنفسه سبحانه ، فلو كان ما أثبته مفعولا لكان من جنس الإرادة والعلم لم يكن شيئا خارجا عنهما ، فهم لم يثبتوا له كلاما ولا فعلا وأما الكرامية فإنهم جعلوه متكلما بعد أن لم يكن متكلما ، كما جعله خصومهم فاعلا بعد أن لم يكن فاعلا .