فصل
قوله أتباع الرسل الذين تلقوا هذا الباب عنهم
nindex.php?page=treesubj&link=29453أثبتوا لله صفة الكلام كما أثبتوا له سائر الصفات ، ومحال قيام هذه الصفة بنفسها كما يقوله بعض المكابرين أنه خلق الكلام لا في محل ، ومحال قيامها بغير الموصوف بها كما يقوله المكابر الآخر أنه خلق في محل فكان هو المتكلم به دون المحل ، قالوا والكلام الحقيقي هو الذي يوجد بقدرة المتكلم وإرادته قائما به ، لا يعقل غير هذا ، وأما ما كان موجودا بدون قدرته ومشيئته وإن سمع منه فإنه ليس بكلام له ، وإنما هو مخلوق خلقه الله فيه ، فلو كان ما قام بالرب تعالى من الكلام غير متعلق بمشيئته بل يتكلم بغير اختياره لم يكن هذا هو الكلام المعهود ، بل هذا شيء آخر غير ما يعرفه العقل ويشهد به الشرع ، قالوا : ولو لم يكن هناك ألفاظ مسموعة حقيقة السمع لم يكن ثم صفة كلام البتة ، ولو كان عاجزا عن الكلام في الأزل لم يصر قادرا عليه فيما لم يزل ، فإنه إذا كانت حاله قبل وبعد سواء وهو لم يستفد صفة الكلام من غيره ، فمن المستحيل أن تجدد له هذه الصفة بعد أن كان فاقدا لها بالكلية .
وكذلك إثبات قدم عين كل فرد من أنواع الكلام وبقائه أزلا وأبدا واقتران حروفه بعضها ببعض بحيث لا يسبق شيء منها لغيره ، لا يسيغه عقل ولا تقبله فطرة وقد دلت النصوص النبوية أنه متكلم إذا شاء بما شاء ، وأن كلامه يسمع ، وأن القرآن العزيز الذي هو سور وآيات وحروف وكلمات عين كلامه حقا ، لا تأليف ملك ولا
[ ص: 500 ] بشر ، وأنه سبحانه الذي قاله بنفسه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم عسق ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1كهيعص ) وأن القرآن جميعه ، حروفه ومعانيه نفس كلامه الذي تكلم به ، وليس بمخلوق ولا بعضه قديما ، وهو المعنى وبعضه مخلوق ، وهو الكلمات والحروف ، ولا بعضه كلامه وبعضه كلام غيره ، ولا ألفاظ القرآن وحروفه ترجمة ترجم بها
جبرائيل أو
محمد عليهما السلام عما قام بالرب من المعنى من غير أن يتكلم الله بها ، بل
nindex.php?page=treesubj&link=29453القرآن جميعه كلام الله ، حروفه ومعانيه ، تكلم الله به حقيقة ، والقرآن اسم لهذا النظم العربي الذي بلغه الرسول صلى الله عليه وسلم عن
جبرائيل عن رب العالمين .
فللرسولين منه مجرد التبليغ والأداء ، لا الوضع والإنشاء ، كما يقول أهل الزيغ والاعتداء ، فكتاب الله عندهم غير كلامه ، كتابه مخلوق وكلامه غير مخلوق ، والقرآن إن أريد به الكتاب كان مخلوقا ، وإن أريد به الكلام كان غير مخلوق ، وعندهم أن الذي قال السلف هو غير مخلوق هو عين القائم بالنفس وأما ما جاء به الرسول وتلاه على الأمة فمخلوق ، وهو عبارة عن ذلك المعنى ، وعندهم أن الله تعالى لم يكلم
موسى ، وإنما اضطره إلى معرفة المعنى القائم بالنفس من غير أن يسمع منه كلمة واحدة ، وما يقرؤه القارئون ويتلوه التالون فهو عبارة عن ذلك المعنى ، وفرعوا على هذا الأصل فروعا : منها : أن كلام الله لا يتكلم به غيره ، فإنه عين القائم بنفسه ، ومحال قيامه بغيره فلم يتل أحد قط كلام الله ولا قرأه .
ومنها : أن هذا الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كلام الله إلا على سبيل المجاز .
ومنها : أنه لا يقال إن الله تكلم ولا يتكلم ولا قال ولا يقول ولا خاطب ولا يخاطب ، فإن هذه كلها أفعال إرادية تكون بالمشيئة ، وذلك المعنى صفة أزلية لا يتعلق بالمشيئة .
ومنها : أنهم قالوا لا يجوز أن ينزل القرآن إلى الأرض ، فألفاظ النزول والتنزيل لا حقيقة لشيء منها عندهم .
ومنها : أن القرآن القديم لا نصف له ولا ربع ولا خمس ولا عشر ولا جزء له البتة .
ومنها : أن معنى الأمر هو معنى النهي ، ومعنى الخبر والاستخبار ، وكل ذلك معنى واحد بالعين .
[ ص: 501 ] ومنها : أن نفس التوراة هي نفس القرآن ونفس الإنجيل والزبور ، والاختلاف في التأويلات فقط .
ومنها : أن هذا القرآن العربي تأليف
جبرائيل أو
محمد أو مخلوق خلقه الله تعالى في اللوح المحفوظ ، فنزل به
جبرائيل من اللوح لا من الله على الحقيقة كما هو معروف من أقوالهم .
ومنها : أن ذلك العين القديم يجور أن تتعلق به الإدراكات الخمس فيسمع ويرى ويشم ويذاق ويلمس إلى غير ذلك من الفروع الباطلة سمعا وعقلا وفطرة .
وقد دل القرآن وصريح السنة والمعقول وكلام السلف على أن الله سبحانه يتكلم بمشيئته ، كما دل على أن كلامه صفة قائمة بذاته ، وهي صفة ذات وفعل قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=40إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ) ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) فإذا : تخلص الفعل للاستقبال ( وأن ) كذلك ( ونقول ) فعل دال على الحال والاستقبال ( وكن ) حرفان يسبق أحدهما الآخر ، فالذي اقتضته هذه الآية هو الذي في صريح العقول والفطر .
وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=16وإذا أردنا أن نهلك قرية ) الآية ، سواء كان الأمر هاهنا أمر تكوين أو أمر تشريع فهو موجود بعد أن لم يكن ، وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) وإنما قال لهم اسجدوا بعد خلق
آدم وتصويره .
وكذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ) الآيات كلها ، فكم من برهان يدل على أن التكلم هو الخطاب وقع في ذلك الوقت .
وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن ) والذي ناداه هو الذي قال له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني ) وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=62ويوم يناديهم فيقول )
[ ص: 502 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=40ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=30يوم نقول لجهنم ) الآية ، ومحال أن يقول سبحانه لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد قبل خلقها ووجودها .
وتأمل نصوص القرآن من أوله إلى آخره ونصوص السنة ، ولا سيما أحاديث الشفاعة وحديث المعراج وغيرها ، كقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347461أتدرون ماذا قال ربكم الليلة " ، وقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347462إن الله يحدث من أمره ما يشاء ، وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة " ، وقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347463ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حاجب " .
وقد أخبر الصادق المصدوق أنه يكلم ملائكته في الدنيا فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ، ويكلمهم يوم القيامة ، ويكلم أنبياءه ورسله وعباده المؤمنين يومئذ ويكلم أهل الجنة في الجنة ويسلم عليهم في منازلهم ، وأنه كل ليلة يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347464من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ، من يقرض غير عديم ولا ظلوم ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347465إن الله أحيا أباك وكلمه كفاحا " ومعلوم أنه في ذلك الوقت كلمه وقال له : تمن علي .
إلى أضعاف أضعاف ذلك من نصوص الكتاب والسنة التي إن دفعت دفعت الرسالة بأجمعها ، وإن كانت مجازا كان الوحي كله مجازا ، وإن كانت من المتشابه كان الوحي كله من المتشابه ، وإن وجب أو ساغ تأويلها على خلاف ظاهرها ساغ تأويل جميع القرآن والسنة على خلاف ظاهره ، فإن مجيء هذه النصوص في الكتاب وظهور معانيها وتعدد أنواعها واختلاف مراتبها أظهر من كل ظاهر ، وأوضح من كل واضح ، فكم جهد ما يبلغ التأويل والتحريف والحمل على المجاز .
[ ص: 503 ] هب أن ذلك يمكن في موضع واثنين وثلاثة وعشرة ، أفيسوغ حمل أكثر من ثلاثة آلاف وأربعة آلاف موضع كلها على المجاز وتأويل الجميع بما يخالف الظاهر ؟ ولا تستبعد قولنا أكثر من ثلاث آلاف ، فكل آية وكل حديث إلهي وكل حديث فيه الإخبار عما قال الله تعالى أو يقول ، وكل أثر فيه ذلك ، إذا استقرئت زادت على هذا العدد ، ويكفي أحاديث الشفاعة وأحاديث الرؤية وأحاديث الحساب ، وأحاديث تكليم الله لملائكته وأنبيائه ورسله وأهل الجنة ، وأحاديث تكليم الله
لموسى ، وأحاديث تكلمه عند النزول الإلهي ، وأحاديث تكلمه بالوحي ، وأحاديث تكليمه للشهداء ، وأحاديث تكليم كافة عباده يوم القيامة بلا ترجمان ولا واسطة ، وأحاديث تكليمه للشفعاء يوم القيامة حين يأذن لهم في الشفاعة ، إلى غير ذلك ، إذ كل هذا وأمثاله وأضعافه مجاز لا حقيقة له ، سبحانك هذا بهتان عظيم ، بل نشهدك ونشهد ملائكتك وحملة عرشك وجميع خلقك أنك أحق بهذه الصفة وأولى من كل أحد ، وأن البحر لو أمده من بعده سبعة أبحر ، وكانت أشجار الأرض أقلاما يكتب بها ما تتكلم به ، لنفدت البحار والأقلام ولم تنفد كلماتك ، وأنك لك الخلق والأمر ، فأنت الخالق حقيقة .
فَصْلٌ
قَوْلُهُ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ تَلَقَّوْا هَذَا الْبَابَ عَنْهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=29453أَثْبَتُوا لِلَّهِ صِفَةَ الْكَلَامِ كَمَا أَثْبَتُوا لَهُ سَائِرَ الصِّفَاتِ ، وَمُحَالٌ قِيَامُ هَذِهِ الصِّفَةِ بِنَفْسِهَا كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْمُكَابِرِينَ أَنَّهُ خَلَقَ الْكَلَامَ لَا فِي مَحَلٍّ ، وَمُحَالٌ قِيَامُهَا بِغَيْرِ الْمَوْصُوفِ بِهَا كَمَا يَقُولُهُ الْمُكَابِرُ الْآخَرُ أَنَّهُ خُلِقَ فِي مَحَلٍّ فَكَانَ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ دُونَ الْمَحَلِّ ، قَالُوا وَالْكَلَامُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الَّذِي يُوجَدُ بِقُدْرَةِ الْمُتَكَلِّمِ وَإِرَادَتِهِ قَائِمًا بِهِ ، لَا يُعْقَلُ غَيْرُ هَذَا ، وَأَمَّا مَا كَانَ مَوْجُودًا بِدُونِ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَإِنْ سُمِعَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ لَهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ مَخْلُوقٌ خَلَقَهُ اللَّهُ فِيهِ ، فَلَوْ كَانَ مَا قَامَ بِالرَّبِّ تَعَالَى مِنَ الْكَلَامِ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِمَشِيئَتِهِ بَلْ يَتَكَلَّمُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْمَعْهُودُ ، بَلْ هَذَا شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ مَا يَعْرِفُهُ الْعَقْلُ وَيَشْهَدُ بِهِ الشَّرْعُ ، قَالُوا : وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَلْفَاظٌ مَسْمُوعَةٌ حَقِيقَةَ السَّمْعِ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ صِفَةُ كَلَامٍ الْبَتَّةَ ، وَلَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنِ الْكَلَامِ فِي الْأَزَلِ لَمْ يَصِرْ قَادِرًا عَلَيْهِ فِيمَا لَمْ يَزَلْ ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَتْ حَالُهُ قَبْلَ وَبَعْدَ سَوَاءٌ وَهُوَ لَمْ يَسْتَفِدْ صِفَةَ الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِهِ ، فَمِنَ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ تُجَدَّدَ لَهُ هَذِهِ الصِّفَةُ بَعْدَ أَنْ كَانَ فَاقِدًا لَهَا بِالْكُلِّيَّةِ .
وَكَذَلِكَ إِثْبَاتُ قِدَمِ عَيْنِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ وَبَقَائُهُ أَزَلًا وَأَبَدًا وَاقْتِرَانُ حُرُوفِهِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ بِحَيْثُ لَا يَسْبِقُ شَيْءٌ مِنْهَا لِغَيْرِهِ ، لَا يُسِيغُهُ عَقْلٌ وَلَا تَقْبَلُهُ فِطْرَةٌ وَقَدْ دَلَّتِ النُّصُوصُ النَّبَوِيَّةُ أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ إِذَا شَاءَ بِمَا شَاءَ ، وَأَنَّ كَلَامَهُ يُسْمَعُ ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ الْعَزِيزَ الَّذِي هُوَ سُوَرٌ وَآيَاتٌ وَحُرُوفٌ وَكَلِمَاتٌ عَيْنُ كَلَامِهِ حَقًّا ، لَا تَأْلِيفُ مَلَكٍ وَلَا
[ ص: 500 ] بَشَرٍ ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ الَّذِي قَالَهُ بِنَفْسِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم عسق ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1كهيعص ) وَأَنَّ الْقُرْآنَ جَمِيعُهُ ، حُرُوفُهُ وَمَعَانِيهِ نَفْسُ كَلَامِهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ ، وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلَا بَعْضُهُ قَدِيمًا ، وَهُوَ الْمَعْنَى وَبَعْضُهُ مَخْلُوقٌ ، وَهُوَ الْكَلِمَاتُ وَالْحُرُوفُ ، وَلَا بَعْضُهُ كَلَامُهُ وَبَعْضُهُ كَلَامُ غَيْرِهِ ، وَلَا أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ وَحُرُوفُهُ تَرْجَمَةٌ تَرْجَمَ بِهَا
جَبْرَائِيلُ أَوْ
مُحَمَّدٌ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عَمَّا قَامَ بِالرَّبِّ مِنَ الْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا ، بَلِ
nindex.php?page=treesubj&link=29453الْقُرْآنُ جَمِيعُهُ كَلَامُ اللَّهِ ، حُرُوفُهُ وَمَعَانِيهِ ، تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ حَقِيقَةً ، وَالْقُرْآنُ اسْمٌ لِهَذَا النَّظْمِ الْعَرَبِيِّ الَّذِي بَلَّغَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
جَبْرَائِيلَ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
فَلِلرَّسُولَيْنِ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّبْلِيغِ وَالْأَدَاءِ ، لَا الْوَضْعُ وَالْإِنْشَاءُ ، كَمَا يَقُولُ أَهْلُ الزَّيْغِ وَالِاعْتِدَاءِ ، فَكِتَابُ اللَّهِ عِنْدَهُمْ غَيْرُ كَلَامِهِ ، كِتَابُهُ مَخْلُوقٌ وَكَلَامُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَالْقُرْآنُ إِنْ أُرِيدَ بِهِ الْكِتَابَ كَانَ مَخْلُوقًا ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْكَلَامَ كَانَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الَّذِي قَالَ السَّلَفُ هُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ هُوَ عَيْنُ الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ وَأَمَّا مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَتَلَاهُ عَلَى الْأُمَّةِ فَمَخْلُوقٌ ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّمْ
مُوسَى ، وَإِنَّمَا اضْطَرَّهُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً ، وَمَا يَقْرَؤُهُ الْقَارِئُونَ وَيَتْلُوهُ التَّالُونَ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى ، وَفَرَّعُوا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فُرُوعًا : مِنْهَا : أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ لَا يَتَكَلَّمُ بِهِ غَيْرُهُ ، فَإِنَّهُ عَيْنُ الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ ، وَمُحَالٌ قِيَامُهُ بِغَيْرِهِ فَلَمْ يَتْلُ أَحَدٌ قَطُّ كَلَامَ اللَّهِ وَلَا قَرَأَهُ .
وَمِنْهَا : أَنَّ هَذَا الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ كَلَامُ اللَّهِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ .
وَمِنْهَا : أَنَّهُ لَا يُقَالُ إِنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَا قَالَ وَلَا يَقُولُ وَلَا خَاطَبَ وَلَا يُخَاطِبُ ، فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا أَفْعَالٌ إِرَادِيَّةٌ تَكُونُ بِالْمَشِيئَةِ ، وَذَلِكَ الْمَعْنَى صِفَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ .
وَمِنْهَا : أَنَّهُمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَأَلْفَاظُ النُّزُولِ وَالتَّنْزِيلِ لَا حَقِيقَةَ لِشَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَهُمْ .
وَمِنْهَا : أَنَّ الْقُرْآنَ الْقَدِيمَ لَا نِصْفَ لَهُ وَلَا رُبْعَ وَلَا خُمُسَ وَلَا عُشْرَ وَلَا جُزْءَ لَهُ الْبَتَّةَ .
وَمِنْهَا : أَنَّ مَعْنَى الْأَمْرِ هُوَ مَعْنَى النَّهْيِ ، وَمَعْنَى الْخَبَرِ وَالِاسْتِخْبَارِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْنًى وَاحِدٌ بِالْعَيْنِ .
[ ص: 501 ] وَمِنْهَا : أَنَّ نَفْسَ التَّوْرَاةِ هِيَ نَفْسُ الْقُرْآنِ وَنَفْسُ الْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ ، وَالِاخْتِلَافُ فِي التَّأْوِيلَاتِ فَقَطْ .
وَمِنْهَا : أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ تَأْلِيفُ
جَبْرَائِيلَ أَوْ
مُحَمَّدٍ أَوْ مَخْلُوقٍ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، فَنَزَلَ بِهِ
جَبْرَائِيلُ مِنَ اللَّوْحِ لَا مِنَ اللَّهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ أَقْوَالِهِمْ .
وَمِنْهَا : أَنَّ ذَلِكَ الْعَيْنَ الْقَدِيمَ يَجُورُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ الْإِدْرَاكَاتُ الْخَمْسُ فَيُسْمَعُ وَيُرَى وَيُشَمُّ وَيُذَاقُ وَيُلْمَسُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفُرُوعِ الْبَاطِلَةِ سَمْعًا وَعَقْلًا وَفِطْرَةً .
وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ وَصَرِيحُ السُّنَّةِ وَالْمَعْقُولُ وَكَلَامُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ ، كَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ ، وَهِيَ صِفَةُ ذَاتٍ وَفِعْلٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=40إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) فَإِذَا : تَخَلَّصَ الْفِعْلُ لِلِاسْتِقْبَالِ ( وَأَنْ ) كَذَلِكَ ( وَنَقُولَ ) فِعْلٌ دَالٌّ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ ( وَكُنْ ) حَرْفَانِ يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، فَالَّذِي اقْتَضَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ هُوَ الَّذِي فِي صَرِيحِ الْعُقُولِ وَالْفِطَرِ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=16وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً ) الْآيَةَ ، سَوَاءٌ كَانَ الْأَمْرُ هَاهُنَا أَمْرَ تَكْوِينٍ أَوْ أَمْرَ تَشْرِيعٍ فَهُوَ مَوْجُودٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=11وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ) وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمُ اسْجُدُوا بَعْدَ خَلْقِ
آدَمَ وَتَصْوِيرِهِ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي ) الْآيَاتِ كُلِّهَا ، فَكَمْ مِنْ بُرْهَانٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّكَلُّمَ هُوَ الْخِطَابُ وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ ) وَالَّذِي نَادَاهُ هُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ) وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=62وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ )
[ ص: 502 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=40وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=30يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ ) الْآيَةَ ، وَمُحَالٌ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَهُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ قَبْلَ خَلْقِهَا وَوُجُودِهَا .
وَتَأَمُّلْ نُصُوصَ الْقُرْآنِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَنُصُوصَ السُّنَّةِ ، وَلَا سِيَّمَا أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ وَحَدِيثَ الْمِعْرَاجِ وَغَيْرَهَا ، كَقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347461أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمُ اللَّيْلَةَ " ، وَقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347462إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ ، وَإِنَّ مِمَّا أُحْدِثَ أَلَّا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ " ، وَقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347463مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانُ وَلَا حَاجِبٌ " .
وَقَدْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّهُ يُكَلِّمُ مَلَائِكَتَهُ فِي الدُّنْيَا فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ : كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ، وَيُكَلِّمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيُكَلِّمُ أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ وَعِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَئِذٍ وَيُكَلِّمُ أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ ، وَأَنَّهُ كُلَّ لَيْلَةٍ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347464مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرُ لَهُ ، مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ وَلَا ظَلُومٍ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347465إِنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَاكَ وَكَلَّمَهُ كِفَاحًا " وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَلَّمَهُ وَقَالَ لَهُ : تَمَنَّ عَلَيَّ .
إِلَى أَضْعَافِ أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الَّتِي إِنْ دُفِعَتْ دُفِعَتِ الرِّسَالَةُ بِأَجْمَعِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ مَجَازًا كَانَ الْوَحْيُ كُلُّهُ مَجَازًا ، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْمُتَشَابِهِ كَانَ الْوَحْيُ كُلُّهُ مِنَ الْمُتَشَابِهِ ، وَإِنْ وَجَبَ أَوْ سَاغَ تَأْوِيلُهَا عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهَا سَاغَ تَأْوِيلُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ ، فَإِنَّ مَجِيءَ هَذِهِ النُّصُوصِ فِي الْكِتَابِ وَظُهُورَ مَعَانِيهَا وَتَعَدُّدَ أَنْوَاعِهَا وَاخْتِلَافَ مَرَاتِبِهَا أَظْهَرُ مِنْ كُلِّ ظَاهِرٍ ، وَأَوْضَحُ مِنْ كُلِّ وَاضِحٍ ، فَكَمْ جُهْدُ مَا يَبْلُغُ التَّأْوِيلُ وَالتَّحْرِيفُ وَالْحَمْلُ عَلَى الْمَجَازِ .
[ ص: 503 ] هَبْ أَنَّ ذَلِكَ يُمْكِنُ فِي مَوْضِعٍ وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَعَشَرَةٍ ، أَفَيَسُوغُ حَمْلُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَأَرْبَعَةِ آلَافِ مَوْضِعٍ كُلِّهَا عَلَى الْمَجَازِ وَتَأْوِيلُ الْجَمِيعِ بِمَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ ؟ وَلَا تَسْتَبْعِدْ قَوْلَنَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ آلَافٍ ، فَكُلُّ آيَةٍ وَكُلُّ حَدِيثٍ إِلَهِيٍّ وَكُلُّ حَدِيثٍ فِيهِ الْإِخْبَارُ عَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ يَقُولُ ، وَكُلُّ أَثَرٍ فِيهِ ذَلِكَ ، إِذَا اسْتُقْرِئَتْ زَادَتْ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ ، وَيَكْفِي أَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ وَأَحَادِيثُ الرُّؤْيَةِ وَأَحَادِيثُ الْحِسَابِ ، وَأَحَادِيثُ تَكْلِيمِ اللَّهِ لِمَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَأَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَأَحَادِيثُ تَكْلِيمِ اللَّهِ
لِمُوسَى ، وَأَحَادِيثُ تَكَلُّمِهِ عِنْدَ النُّزُولِ الْإِلَهِيِّ ، وَأَحَادِيثُ تَكَلُّمِهِ بِالْوَحْيِ ، وَأَحَادِيثُ تَكْلِيمِهِ لِلشُّهَدَاءِ ، وَأَحَادِيثُ تَكْلِيمِ كَافَّةِ عِبَادِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلَا تُرْجُمَانٍ وَلَا وَاسِطَةٍ ، وَأَحَادِيثُ تَكْلِيمِهِ لِلشُّفَعَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَأْذَنُ لَهُمْ فِي الشَّفَاعَةِ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، إِذْ كُلُّ هَذَا وَأَمْثَالُهُ وَأَضْعَافُهُ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ ، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ، بَلْ نُشْهِدُكَ وَنُشْهِدُ مَلَائِكَتَكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَأَوْلَى مِنْ كُلِّ أَحَدٍ ، وَأَنَّ الْبَحْرَ لَوْ أَمَدَّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ، وَكَانَتْ أَشْجَارُ الْأَرْضِ أَقْلَامًا يُكْتَبُ بِهَا مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ ، لَنَفِدَتِ الْبِحَارُ وَالْأَقْلَامُ وَلَمْ تَنْفَدْ كَلِمَاتُكَ ، وَأَنَّكَ لَكَ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ، فَأَنْتَ الْخَالِقُ حَقِيقَةً .