[ ص: 143 ] وسميتم الصفات أعراضا وقلتم : ، وسميتم حكمته غرضا وقلتم : منزه عن الأغراض ، وسميتم كلامه بمشيئته ، ونزوله إلى سماء الدنيا ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء ومشيئته وإرادته المقارنة لمرادها وإدراكه المقارنة لوجود المدرك ، وغضبه إذا عصي ، ورضاه إذا أطيع ، وفرحه إذا تاب إليه العباد ، ونداه الرب منزه عن قيام الأعراض به لموسى حين أتى الشجرة ، ونداه للأبوين حين أكلا من الشجرة ، ونداه لعباده يوم القيامة ، ومحبته لمن كان يبغضه حال كفره ثم صار يحبه بعد إيمانه ، وربوبيته التي هو بها كل يوم في شأن حوادث ، وقلتم : هو منزه عن حلول الحوادث ، وحقيقة هذا التنزيه أنه منزه عن الوجود وعن الربوبية وعن الملك وعن كونه فعالا لما يريد ، بل عن الحياة والقيومية .
فانظر ماذا تحت تنزيه المعطلة النفاة بقولهم : ليس بجسم ولا جوهر ولا مركب ، ولا تقوم به الأعراض ، ولا يوصف بالأبعاض ، ولا يفعل بالأغراض ولا تحله الحوادث ، ولا تحيط به الجهات ، ولا يقال في حقه : أين ، وليس بمتحيز ، كيف كسوا حقائق أسمائه وصفاته وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه وتكليمه لخلقه ورؤيتهم له بالأبصار في دار كرامته ، هذه الألفاظ ، ثم توسلوا إلى نفيها بواسطتها ، وكفروا وضللوا من أثبتها ، واستحلوا منه ما لم يستحلوه من أعداء الله من اليهود والنصارى ، فإلى الله الموعد وإليه الملتجأ ، وإليه التحاكم ، وبين يديه التخاصم .
نحن وإياهم نموت ولا أفلح يوم الحساب من ندما