الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وعلى هذا إذا أوصى بغلة نخل أبر لرجل ولآخر برقبته ولم تدرك ، أو لم تحمل - فالنفقة في سقيها ، والقيام عليها على صاحب الرقبة ، فإذا أثمرت فالنفقة على صاحب الغلة لأنها إذا لم تدرك أو لم تحمل ، فصاحب الغلة لا ينتفع بها ، فلا يكون عليه نفقتها .

                                                                                                                                وكانت على صاحب الرقبة لإصلاح ملكه إلى أن تثمر ، فإذا أثمرت فقد صارت منتفعا بها في حق صاحب الغلة ، فكانت عليه نفقتها ، فإن حملت عاما واحدا ثم حالت ولم تحمل شيئا - فالقياس : أن لا يكون عليه نفقتها في العام الذي حالت فيه ; لأنه لا ينتفع بها فيه ، وفي الاستحسان عليه نفقتها ; لأن بانعدام حملها عاما لا تعد منقطعة المنفعة ; لأن من الأشجار ما لا يحمل كل عام ولا يعد ذلك انقطاع النفع بل يعد نفعا ، ونماء ، كذا الأشجار ولا تخرج إلا في بعض فصول السنة .

                                                                                                                                ولا يعد ذلك انقطاع النفع بل يعد نفعا ، ونماء حتى كانت نفقتها على الموصى له بالغلة ، فكذا هذا ، فإن لم ينفق الموصى له بالغلة ، وأنفق صاحب الرقبة عليها حتى حملت فإنه يستوفي نفقته من ذلك الحمل ، وما يبقى من الحمل فهو لصاحب الغلة ; لأنه فعل ذلك مضطرا لإصلاح ملك نفسه ، ودفع الفساد عن ماله ، فلم يكن متبرعا ، فله أن يرجع فيما حملت ; لأنه إنما حصل هذه الفائدة بسبب نفقته .

                                                                                                                                ولو هلكت الغلة قبل أن تصل إلى صاحب الغلة ليس له أن يرجع عليه بما أنفق ; لأن هذا ليس بدين واجب [ ص: 387 ] عليه ، وإنما هو شيء يفتى به ولا يقضى .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية