الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو جنى العبد جناية فالفداء على صاحب الخدمة ; لأن منفعة الرقبة له ، فكان الفداء عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم { الخراج بالضمان } ، وصار كعبد الرهن إذا جنى جناية إن الفداء على المرتهن ; لأنه هو المنتفع به بحبسه في دينه أو يقال : إن الفداء على صاحب الرقبة ; لأن الجناية حصلت من الرقبة حقيقة ، والرقبة له ، ولكن يقال لصاحب الخدمة : إن حقك يفوت لو فدى صاحب الرقبة ، أو دفع ، وإن أردت أن تحيي حقك فافد ، وهكذا يقال للمرتهن في العبد الرهن إذا جنى ; لأن الرقبة للراهن ، فإذا فدى صاحب الخدمة فقد طهره عن الجناية ، فتكون الخدمة على حالها .

                                                                                                                                وإن أبى أن يفدي يقال لصاحب الرقبة : ادفعه أو افده ; لأن الرقبة له ، وأي شيء اختاره بطل حق صاحب الخدمة في الخدمة ، أما إذا دفع ، فلا شك فيه ; لأنه بطل ملك الموصى له بالخدمة بالدفع ، فلا يستحق الخدمة على ملك غيره .

                                                                                                                                وكذلك إذا أفدى ; لأنه يصير كالمشتري منهم الرقبة ، فيتجدد الملك ، ويبطل حكم الملك الأول فيه ، فإن مات صاحب الخدمة ، وقد فدى قبل ذلك بطلت وصيته ; لما قلنا : إن ملك المنفعة بالوصية بمنزلة ملك المستعير ، والعارية تبطل بموت المستعير ; لأن المعير ملك المنفعة منه لا من غيره كذا ههنا ، ويقال لصاحب الرقبة : أد إلى ورثته الفداء الذي فدى ; لأنه تبين أن الفداء كان عليه لا على صاحب الخدمة ; لأنه إنما التزم ذلك على ظن أن كل منفعة الرقبة مصروف إليه ، ومتى ظهر أنه مصروف إلى غيره ظهر أنه على غيره ، فتبين أنه تحمل عن غيره ، وهو صاحب الرقبة إحياء لملكه ، وهو مضطر فيه ، فرجع عليه ( وليس ) لصاحب الرقبة أن ينتفع به ما لم يدفع إليهم ما دفع صاحب الخدمة من الفداء ، فإن أبى صاحب الرقبة دفع ذلك الفداء إلى ورثة صاحب الخدمة - بيع العبد فيه .

                                                                                                                                وكان بمنزلة الدين في عتقه ; لأن هذا الدين وجب بسبب كان في رقبته ، فصار كسائر الديون .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية