ذكر على أمر ابن رائق العراق وتفرق البلاد استيلاء
لما رأى الراضي وقوف الحال عنده ، ألجأته الضرورة إلى أن راسل وهو أبا بكر محمد بن رائق بواسط ، يعرض عليه إجابته إلى ما كان بذله من القيام بالنفقات وأرزاق الجند ببغداذ ، فلما أتاه الرسول بذلك فرح به ، وشرع يتجهز للمسير إلى بغداذ ، فأنفذ إليه الراضي الساجية ، وقلده إمارة الجيش ، وجعله أمير الأمراء ، وولاه الخراج والمعاون في جميع البلاد والدواوين ، وأمر بأن يخطب له على جميع المنابر ، وأنفذ إليه الخلع .
[ ص: 53 ] وانحدر إليه أصحاب الدواوين والكتاب والحجاب ، وتأخر الحجرية عن الانحدار ، فلما استقر الذين انحدروا إلى واسط ، قبض على ابن رائق الساجية سابع ذي الحجة ، ونهب رحلهم ومالهم ودوابهم ، وأظهر أنه إنما فعل ذلك لتتوفر أرزاقهم على الحجرية ، فاستوحش الحجرية من ذلك وقالوا : اليوم لهؤلاء وغدا لنا ، وخيموا بدار الخليفة ، فأصعد إلى ابن رائق بغداذ ومعه بجكم ، وخلع الخليفة عليه أواخر ذي الحجة ، وأتاه الحجرية يسلمون عليه ، فأمرهم بقلع خيامهم ، فقلعوها وعادوا إلى منازلهم .
وبطلت الدواوين من ذلك الوقت ، ( وبطلت الوزارة ) ، فلم يكن الوزير ينظر في شيء من الأمور ، إنما كان وكاتبه ينظران في الأمور جميعها ، وكذلك كل من تولى إمرة الأمراء بعده ، وصارت الأموال تحمل إلى خزائنهم فيتصرفون فيها كما يريدون ، ويطلقون للخليفة ما يريدون ، وبطلت بيوت الأموال ، وتغلب أصحاب الأطراف ، وزالت عنهم الطاعة ، ولم يبق للخليفة غير ابن رائق بغداذ وأعمالها ، والحكم في جميعها ليس للخليفة حكم . لابن رائق
وأما باقي الأطراف فكانت البصرة في يد ( ، وخوزستان في يد ) ابن رائق البريدي .
وفارس في يد . عماد الدولة بن بويه
وكرمان في يد أبي علي محمد بن إلياس .
والري وأصبهان في يد ركن الدولة بن بويه ويد وشمكير أخي يتنازعان عليها ، مرداويج والموصل وديار بكر ومضر وربيعة في يد بني حمدان ، ومصر والشام في يد محمد بن طغج .
والمغرب وإفريقية في يد أبي القاسم القائم بأمر الله بن المهدي العلوي ، وهو الثاني منهم ، ويلقب بأمير المؤمنين ، والأندلس في يد عبد الرحمن بن محمد الملقب بالناصر الأموي ، [ ص: 54 ] وخراسان وما وراء النهر في يد نصر بن أحمد الساماني .
وطبرستان وجرجان في يد الديلم .
والبحرين واليمامة في يد . أبي طاهر القرمطي