[ ص: 253 ] وأما من قال : ، وهو قول أصحاب المتمتع يطوف ويسعى للقدوم بعد إحرامه بالحج قبل خروجه إلى منى ، ولا أدري أهو منصوص عنه أم لا ؟ قال الشافعي أبو محمد : فهذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة ألبتة ، ولا أمرهم به ولا نقله أحد ، قال : لا أرى ابن عباس لأهل مكة أن يطوفوا ، ولا أن يسعوا بين الصفا والمروة بعد إحرامهم بالحج حتى يرجعوا من منى . وعلى قول : قول الجمهور ابن عباس ومالك ، وأحمد ، وأبي حنيفة وإسحاق وغيرهم .
والذين استحبوه قالوا : لما أحرم بالحج صار كالقادم فيطوف ويسعى للقدوم . قالوا : ولأن الطواف الأول وقع عن العمرة ، فيبقى طواف القدوم ، ولم يأت به فاستحب له فعله عقيب الإحرام بالحج ، وهاتان الحجتان واهيتان ، فإنه إنما كان قارنا لما طاف للعمرة ، فكان طوافه للعمرة مغنيا عن طواف القدوم ، كمن دخل المسجد ، فرأى الصلاة قائمة ، فدخل فيها ، فقامت مقام تحية المسجد ، وأغنته عنها .
وأيضا فإن الصحابة لما أحرموا بالحج مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يطوفوا عقيبه ، وكان أكثرهم متمتعا . وروى محمد بن الحسن ، عن أنه إن أحرم يوم التروية قبل الزوال طاف وسعى للقدوم ، وإن أحرم بعد الزوال لم يطف وفرق بين الوقتين بأنه بعد الزوال يخرج من فوره إلى أبي حنيفة منى، فلا يشتغل عن الخروج [ ص: 254 ] بغيره ، وقبل الزوال لا يخرج فيطوف . وقول والجمهور هو الصحيح الموافق لعمل الصحابة ، وبالله التوفيق . ابن عباس