فصل
فإن قيل : عقه عن الحسن والحسين بكبش كبش يدل على أن هديه أن على الرأس رأسا ، وقد صحح من حديث عبد الحق الإشبيلي ابن عباس وأنس أن النبي صلى الله عليه وسلم ( الحسن بكبش ، وعن الحسين بكبش ) وكان مولد عق عن الحسن عام أحد ، والحسين في العام القابل منه .
[ ص: 300 ] وروى من حديث الترمذي علي رضي الله عنه قال : الحسن شاة ، وقال : ( يا فاطمة احلقي رأسه ، وتصدقي بزنة شعره فضة ، فوزناه فكان وزنه درهما ، أو بعض درهم ) وهذا وإن لم يكن إسناده متصلا فحديث عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أنس يكفيان . وابن عباس
قالوا : لأنه نسك فكان على الرأس مثله كالأضحية ودم التمتع . فالجواب أن أحاديث الشاتين عن الذكر ، والشاة عن الأنثى أولى أن يؤخذ بها لوجوه .
أحدها : كثرتها ، فإن رواتها : عائشة ، وعبد الله بن عمرو وأم كرز الكعبية ، وأسماء .
فروى أبو داود عن أم كرز قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ) . عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة
قال أبو داود : وسمعت أحمد يقول : مكافئتان مستويتان أو مقاربتان ، قلت : هو مكافأتان بفتح الفاء ومكافئتان بكسرها ، والمحدثون يختارون الفتح ، قال : لا فرق بين الروايتين لأن كل من كافأته ، فقد كافأك . وروي أيضا عنها ترفعه ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الزمخشري ) . أقروا الطير على مكناتها
[ ص: 301 ] وسمعته يقول : ( ) وعنها أيضا ترفعه ( عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة ، لا يضركم أذكرانا كن أم إناثا ) ، وقال عن الغلام شاتان مثلان ، وعن الجارية شاة حديث صحيح . الترمذي
وقد تقدم حديث ، عن أبيه عن جده في ذلك ، وعن عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم ( عائشة ) . قال عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة : حديث حسن صحيح . الترمذي
وروى عن إسماعيل بن عياش ثابت بن عجلان ، عن مجاهد عن أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يعق عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة ) . قال : قلت مهنا لأحمد : من أسماء ؟ فقال : ينبغي أن تكون . أسماء بنت أبي بكر
وفي كتاب الخلال قال : قلت مهنا لأحمد : حدثنا ، قال : حدثنا خالد بن خداش ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب أن عمرو بن الحارث حدثه أن أيوب بن موسى يزيد بن عبد المزني حدثه عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ) ، وقال : ( يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم في الإبل الفرع ، وفي الغنم الفرع ) ، فقال [ ص: 302 ] أحمد : ما أعرفه ، ولا أعرف عبد بن يزيد المزني ، ولا هذا الحديث . فقلت له : أتنكره ؟ فقال : لا أعرفه ، وقصة الحسن والحسين رضي الله عنهما حديث واحد .
الثاني : أنها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحاديث الشاتين من قوله ، وقوله عام ، وفعله يحتمل الاختصاص .
الثالث : أنها متضمنة لزيادة ، فكان الأخذ بها أولى .
الرابع : أن الفعل يدل على الجواز ، والقول على الاستحباب ، والأخذ بهما ممكن ، فلا وجه لتعطيل أحدهما .
الخامس : أن قصة الذبح عن الحسن والحسين كانت عام أحد والعام الذي بعده ، وأم كرز سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ما روته عام الحديبية سنة ست بعد الذبح عن الحسن والحسين ، قاله في كتابه الكبير . النسائي
السادس : أن قصة الحسن والحسين يحتمل أن يراد بها بيان جنس المذبوح ، وأنه من الكباش لا تخصيصه بالواحد كما قالت : عائشة ، ومرادها : الجنس لا التخصيص بالواحدة . ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بقرة ، وكن تسعا
السابع : أن الله سبحانه فضل الذكر على الأنثى ، كما قال : ( وليس الذكر كالأنثى ) [ آل عمران 37 ] ، ومقتضى هذا التفاضل ترجيحه عليها في الأحكام ، وقد جاءت الشريعة بهذا التفضيل في جعل الذكر كالأنثيين في الشهادة والميراث والدية ، فكذلك ألحقت العقيقة بهذه الأحكام .
الثامن : أن تشبه العتق عن المولود ، فإنه رهين بعقيقته ، فالعقيقة تفكه وتعتقه ، وكان الأولى أن يعق عن الذكر بشاتين ، وعن الأنثى بشاة ، كما أن عتق الأنثيين يقوم مقام عتق الذكر . كما في " جامع العقيقة " وغيره عن الترمذي أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ) ، وهذا حديث صحيح . أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما ، كان فكاكه من [ ص: 303 ] النار يجزي كل عضو منه عضوا منه ، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار ، يجزي كل عضو منهما عضوا منه ، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار ، يجزي كل عضو منها عضوا منها
فصل
ذكر أبو داود في " المراسيل " عن ، عن أبيه جعفر بن محمد فاطمة عن الحسن والحسين رضي الله عنهما ، ( أن ابعثوا إلى بيت القابلة برجل ، وكلوا وأطعموا ، ولا تكسروا منها عظما ) . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقتها