فصل
وهاهنا مسألة تدعو الحاجة إليها ، وهي أن في طعامهم بتسميته وحده ، أم لا تزول إلا بتسمية الجميع ؟ فنص الآكلين إذا كانوا جماعة ، [ ص: 363 ] فسمى أحدهم ، هل تزول مشاركة الشيطان لهم على إجزاء تسمية الواحد عن الباقين ، وجعله أصحابه كرد السلام ، وتشميت العاطس ، وقد يقال لا ترفع مشاركة الشيطان للآكل إلا بتسميته هو ، ولا يكفيه تسمية غيره ، ولهذا جاء في حديث الشافعي حذيفة ( ، ولو كانت تسمية الواحد تكفي ، لما وضع الشيطان يده في ذلك الطعام . إنا حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما ، فجاءت جارية كأنما تدفع ، فذهبت لتضع يدها في الطعام ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها ، ثم جاء أعرابي كأنما يدفع فأخذ بيده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان ليستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه ، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها ، فأخذت بيدها ، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده ، والذي نفسي بيده ، إن يده لفي يدي مع يديهما ) ثم ذكر اسم الله وأكل
ولكن قد يجاب بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن قد وضع يده ، وسمى بعد ولكن الجارية ابتدأت بالوضع بغير تسمية وكذلك الأعرابي ، فشاركهما الشيطان ، فمن أين لكم أن الشيطان شارك من لم يسم بعد تسمية غيره ؟ فهذا مما يمكن أن يقال ، لكن قد روى وصححه من حديث الترمذي قالت : عائشة ) ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولئك الستة سموا ، [ ص: 364 ] فلما جاء هذا الأعرابي فأكل ولم يسم ، شاركه الشيطان في أكله ، فأكل الطعام بلقمتين ، ولو سمى لكفى الجميع . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل طعاما في ستة من أصحابه فجاء أعرابي ، فأكله بلقمتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أما إنه لو سمى لكفاكم
وأما مسألة ، ففيها نظر ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( رد السلام وتشميت العاطس ) وإن سلم الحكم فيهما ، فالفرق بينهما وبين مسألة الأكل ظاهر ، فإن الشيطان إنما يتوصل إلى مشاركة الآكل في أكله إذا لم يسم ، فإذا سمى غيره لم تجز تسمية من سمى عمن لم يسم من مقارنة الشيطان له فيأكل معه ، بل تقل مشاركة الشيطان بتسمية بعضهم وتبقى الشركة بين من لم يسم وبينه ، والله أعلم . إذا عطس أحدكم ، فحمد الله ، فحق على كل من سمعه أن يشمته
ويذكر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ، فليقرأ ( نسي أن يسمي على طعامه قل هو الله أحد ) إذا فرغ ) وفي ثبوت هذا الحديث نظر .
وكان ( إذا رفع الطعام من بين يديه يقول ) ذكره الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ، ربنا عز وجل . البخاري
[ ص: 365 ] وربما كان يقول ( ) الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين
وكان يقول ( ) الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا
وذكر عنه أنه كان يقول : ( البخاري ) وذكر الحمد لله الذي كفانا وآوانا عنه أنه قال ( الترمذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا من غير حول مني ولا قوة ) حديث حسن . من
ويذكر عنه " وإسناده صحيح . وفي " السنن " عنه أنه كان إذا قرب إليه الطعام قال ( بسم الله ) فإذا فرغ من طعامه قال " اللهم أطعمت وسقيت وأغنيت وأقنيت وهديت وأحييت فلك الحمد على ما أعطيت " حديث حسن . أنه كان يقول إذا فرغ " الحمد لله الذي من علينا وهدانا ، والذي أشبعنا وأروانا ، ومن كل الإحسان آتانا
[ ص: 366 ] وفي " السنن " عنه أيضا : ( ) حديث حسن . إذا أكل أحدكم طعاما فليقل : اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه . ومن سقاه الله لبنا ، فليقل : اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه ، فإنه ليس شيء ويجزئ عن الطعام والشراب غير اللبن
ويذكر عنه أنه : ( ، ويحمد الله في كل نفس ، ويشكره في آخرهن كان إذا شرب في الإناء تنفس ثلاثة أنفاس )