وأصل آخر : وهو طهارة الأحداث التي هي الوضوء والغسل ، فإن مذهب فقهاء الحديث : استعملوا فيها من السنن ما لا يوجد لغيرهم ويكفي المسح على الخفين وغيرها من اللباس والحوائل ، فقد صنف كتاب المسح على الخفين ، وذكر فيه من النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الإمام أحمد ، بل على المسح على الخفين والجوربين وعلى العمامة كما كانت خمر النساء زوج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها تفعله ، وعلى القلانس كما كان أم سلمة أبو موسى وأنس يفعلانه ، ما إذا تأمله العالم علم فضل علم أهل الحديث على غيرهم ، مع أن القياس يقتضي ذلك اقتضاء ظاهرا ، وإنما توقف عنه من توقف من الفقهاء ؛ لأنهم قالوا بما بلغهم من الأثر وجبنوا عن القياس ورعا .
ولم يختلف قول أحمد فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كأحاديث المسح على العمائم والجوربين ، والتوقيت في المسح ، وإنما اختلف [ ص: 38 ] قوله فيما جاء عن الصحابة كخمر النساء وكالقلانس الدنيات .
ومعلوم أن في هذا الباب من الرخصة التي تشبه أصول الشريعة وتوافق الآثار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
واعلم أن كل من تأول في هذه الأخبار تأويلا - مثل كون المسح على العمامة مع بعض الرأس هو المجزئ ونحو ذلك - لم يقف على مجموع الأخبار ، وإلا فمن وقف على مجموعها أفادته علما يقينا بخلاف ذلك .