الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وصح ) الحج فرضا ، أو نفلا ( بالحرام ) من المال فيسقط عنه الفرض والنفل ( وعصى ) إذ لا منافاة بين الصحة والعصيان ( وفضل حج ) ولو تطوعا ( على غزو ) متطوع به ، أو فرض كفاية وعلى صدقة إلا في سني المسغبة فتفضل حج التطوع ( إلا لخوف ) فيفضل الغزو على الحج التطوع ( و ) فضل ( ركوب ) في الحج على المشي لأنه فعله عليه الصلاة والسلام ( و ) فضل ( مقتب ) على ركوب المحمل والمحفة والقتب رحل صغير على قدر السنام ( و ) فضل ( تطوع وليه ) أو قريبه مثلا يعني ولي الميت ( عنه ) أي عن الميت ، وكذا عن الحي ( بغيره ) أي بغير الحج ( كصدقة ودعاء ) وهدي وعتق ; لأنها تقبل النيابة ولوصولها للميت بلا خلاف فالمراد بالغير غير مخصوص وهو ما يقبل النيابة كما ذكر لا كصوم وصلاة ويكره تطوعه عنه بالحج كما يأتي وأما بالقرآن فأجازه بعضهم وكرهه بعضهم وقد صرح بعض أئمتنا بأن قراءة الفاتحة أي مثلا وإهداء ثوابها للنبي صلى الله عليه وسلم مكروه وسئل ابن حجر عمن قرأ شيئا من القرآن وقال في دعائه اللهم اجعل ثواب ما قرأته زيادة في شرف النبي صلى الله عليه وسلم فأجاب بأن هذا مخترع من متأخري القراء لا أعلم لهم فيه سلفا ونحوه لزين الدين الكردي فالذي ينبغي ما ورد به الشرع كالصلاة عليه وسؤال الوسيلة له صلى الله عليه وسلم وكثير من الصوفية على الجواز والله أعلم

.

التالي السابق


( قوله : وعصى ) قال ح الحج الحرام لا ثواب فيه وإنه غير مقبول واعترضه الشيخ أبو علي المسناوي بأن مذهب أهل السنة أن السيئة لا تحبط ثواب الحسنة بل يثاب على حجه ويأثم من جهة المعصية ا هـ كلامه ، ابن العربي من قاتل على فرس غصبه فله الشهادة وعليه المعصية أي له أجر شهادته وعليه إثم معصيته وإذا علمت هذا فقول المصنف وعصى معناه أنه لا يثاب عليه كثواب فعله بحلال فلا ينافي أنه يثاب عليه وليس المراد نفي الثواب عنه بالمرة كما هو ظاهره وظاهر ح انظر بن .

( قوله : وفضل حج على غزو ) والحاصل أن الصور أربع ; لأن الحج والغزو إما فرضان ، أو متطوع بهما ، وإما أن يكون الحج فرضا والغزو تطوعا وإما عكسه فإن كان الجهاد متعينا بفجأة العدو أو بتعيين الإمام ، أو بكثرة الخوف كان أفضل من الحج سواء كان تطوعا ، أو واجبا وحينئذ فيقدم عليه ولو على القول بفورية الحج ، وإن كان الجهاد غير متعين كان الحج ولو تطوعا أفضل من الغزو ولو فرض كفاية وحينئذ فيقدم تطوع الحج على تطوع الغزو وهو الجهاد في الجهات الغير المخيفة وعلى فرضه الكفائي كالجهاد في الجهات المخيفة ويقدم فرض الحج على تطوع وفرض الغزو الكفائي على القول بالفور ، وكذا على القول بالتراخي إن خيف الفوات فإن لم يخف يقدم فرض الغزو الكفائي على فرض الحج هذا حاصل ما في المسألة وقد علمت أن ثمرة الأفضلية تقديم الفاضل على المفضول في الفعل . ( قوله : أو فرض كفاية ) احترز بذلك عما إذا كان الغزو واجبا على الأعيان فإنه أفضل من الحج ويقدم عليه . ( قوله : وعلى صدقة ) عطف على " غزو " أي وفضل حج على صدقة والمراد صدقة التطوع ، وإلا فالواجبة أفضل من الحج وتقدم عليه ولو كان واجبا . ( قوله : وركوب ) يعني أن الحج راكبا على الإبل ، أو غيرها أفضل من الحج ماشيا ; لأنه فعله عليه الصلاة والسلام على المعروف ولما فيه من مضاعفة النفقة ولأنه أقرب إلى الشكر وكذا العمرة . ( قوله : وفضل مقتب ) أي ركوب على قتب فقد حج عليه الصلاة والسلام على قتب عليه قطيفة ، وهي كساء من شعر تساوي أربعة دراهم وقال { اللهم اجعله حجا لا رياء فيه ولا سمعة } . ( قوله : لأنها تقبل النيابة ) أي بخلاف الحج وقوله : ولوصولها للميت أي ولوصول ثوابها للميت وكذلك الحي وهذا من عطف العلة على المعلول . ( قوله : وهو ما يقبل النيابة ) أي ما كان وقوعه من النائب بمنزلة وقوعه من المنوب عنه في حصول الثواب . ( قوله : فأجازه بعضهم ) أي وهو الذي جرى به العمل وهو ما عليه المتأخرون وقوله : وكرهه بعضهم أي وهو أصل المذهب قال ابن رشد محل الخلاف ما لم تخرج القراءة مخرج الدعاء بأن يقول قبل قراءته : اللهم اجعل ثواب ما أقرؤه لفلان ، وإلا كان الثواب لفلان قولا واحدا وجاز من غير خلاف . ( قوله : وقد صرح إلخ ) قد نقل ح هنا ما للعلماء من الخلاف في جواز إهداء ثواب قراءة القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم ، أو شيء من القرب قال وجلهم أجاب بالمنع قال لأنه لم يرد فيه أثر ولا شيء عمن يقتدى به . [ ص: 11 ] من السلف انظره وقد اعترضه ابن ذكري بحديث ابن عجرة كما في المواهب وغيرها { قلت يا رسول الله : إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي ؟ قال ما شئت قلت الربع قال ما شئت ، وإن زدت فهو خير لك قلت النصف قال ما شئت ، وإن زدت فهو خير لك قال أجعل صلاتي كلها لك قال يذهب همك ويغفر ذنبك } ا هـ بن .




الخدمات العلمية