وهذا شروع فيما يخصص اليمين أو يقيدها ، وهو خمسة النية والبساط والعرف القولي والمقصد اللغوي والمقصد الشرعي ، وبدأ بالنية ; لأنها الأصل فقال ( وخصصت نية الحالف ) لفظه العام ( وقيدت ) لفظه المطلق ، وأراد بالتقييد ما يشمل تبين المجمل كقوله زينب طالق ، وله زوجتان اسم كل زينب وقال أردت بنت فلان والعام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر وتخصيصه قصره على بعض أفراده والمطلق ما دل على [ ص: 137 ] الماهية بلا قيد ، وتقييده رده إلى بعض ما يتناوله بحيث لا يتناول غيره فمن حلف لا أكلم رجلا ونوى جاهلا أو في المسجد أو في الليل جاز له تكليمه العالم أو في غير المسجد أو في النهار ( إن نافت ) نيته أي خالفت لفظه العام فهذا راجع لقوله خصصت فقط ، ولا حاجة له إذ لا معنى لتخصيصها إلا منافاتها لظاهر لفظه ، ولا يرجع لقيدت ; لأن التقييد لا يكون إلا موافقا لظاهر اللفظ كما لو قال أحد عبيدي حر ، وقال أردت فلانا كذا قيل والأظهر رجوعه لهما ، وأنه لا حاجة له ( وساوت ) راجع للتخصيص والقيد وهو ظاهر ، ومعنى ساوت احتملت على السواء بأن يكون لفظ الحالف يحتمل ما نواه وغيره على السواء ، وتخصيص النية وتقييدها حينئذ يكون ( في الله ) أي في اليمين به ( وغيرها كطلاق ) ، وعتق ، ومثل للمساوية في الطلاق بقوله ( ككونها ) أي الزوجة ( معه ) في عصمته ( في ) حلفه لها ( لا يتزوج ) امرأة عليها ( حياتها ) فمن تزوجها فهي طالق ثم طلقها وتزوج وادعى أنه نوى ما دامت معه في عصمته فينفعه ذلك في الفتوى والقضاء مطلقا ، ولو في طلاق وعتق معين ، ومفهوم إن ساوت أنها إن لم تساو بأن خالفت ظاهر اللفظ فلا يخلو إما أن تكون قريبة من المساواة أو بعيدة جدا فإن كانت قريبة منها قبلت [ ص: 138 ] فيما عدا الطلاق والعتق المعين في القضاء ، وإليه أشار بقوله ( كأن ) ( خالفت ) نيته ( ظاهر لفظه ) ، وقربت من المساواة فيعتبر تخصيصها وتقييدها للاحتمال القريب من المساوي ، ومثله بقوله ( كسمن ضأن ) أي كنية سمن ضأن ( في ) حلفه ( لا آكل سمنا ) ، ولو لم يلاحظ إخراج غيره أولا وفاقا لابن يونس إذ لا معنى لنية الضأن إلا إخراج غيره ( أو ) حلف ( لا أكلمه ) ، وقال نويت شهرا أو في المسجد فيصدق إلا في طلاق أو عتق معين بمرافعة ( وكتوكيله ) غيره في بيع عبده أو ضربه ( في ) حلفه ( لا يبيعه أو لا يضر به ) فباعه الوكيل أو ضربه ، وقال نويت لا أفعل بنفسي فيقبل قوله : في كل شيء مما ذكر ( إلا لمرافعة ) أي رفع لقاض ( وبينة ) أي مع بينة أقامها الرافع شهدت عليه بحنثه بما ذكر من اليمين فادعى التخصيص أو التقييد ( أو ) مع ( إقرار ) منه بذلك حين المرافعة فلا يقبل قوله : ( في طلاق ، وعتق ) معين ( فقط أو استحلف مطلقا ) بالله أو بطلاق أو عتق مطلقا في الفتوى أو القضاء ( في وثيقة حق ) [ ص: 139 ] أي توثق في حق سواء كان حقا ماليا من دين أو غيره أم لا ليشمل نحو حق زوجة اشترطت عند العقد عليها أن لا يتزوج عليها وحلفته بالطلاق على ذلك فلا تقبل نية الحالف ، والعبرة بنية المحلف ; لأنه كأنه اعتاض من حقه هذه اليمين ، ولو قال أو حلف مطلقا في حق لكان أخصر وأحسن ، وأشار للمخالفة البعيدة جدا بقوله ( لا إرادة ميتة ) بالجر عطفا على سمن ( أو ) إرادة ( كذب في ) قوله زوجتي ( طالق ، و ) أمتي ( حرة ) ، وقال أردت الميتة فيهما أو أردت المطلقة أو المعتقة ( أو ) في قوله هي ( حرام ) ، وقال أردت الكذب أي أردت كذبها حرام ففي كلامه لف ونشر مرتب أي لا يصدق في دعواه إرادة الميتة في قوله هي طالق أو حرة ، ولا في دعواه إرادة حرمة الكذب في قوله أنت حرام في طلاق ، وعتق بمرافعة بل ( وإن بفتوى ) إلا لقرينة تصدق دعواه .


